وأما برج ليلة الذي ذكره ابن غازي فقد اندثر ولم يبق له الآن رسم ولا طل، وقد قيد بعضهم على كلام ابن غازي هنا ما صورته هدم هذا البرج سنة خمس وتسعين أو أربع وتسعين وزيد موضعه في المدينة حين هدم جميع سورها وزيد ما وراءه غربا في المدينة، وبقي موضع هذا البرج إلى سنة إحدي وعشرين، وبني في موضعه الوزير أبو زكريا يحيى المعروف بالمريني سقاية نفيسة ومسجدا فوق صاباط على ممر بين الباب الجديد وباب البراذعين وصومعة، وأوقف عليه أحباسا كثيرة كما هي عادته تقبل الله منه.
وسميت هذه الزيادة التي وراء السور جناح الأمان، وكان يعرف هذا السور عند من أدركناه ببرج الانفاض، انتهى.
قلت: أفادني بعض أجلاء فضلاء العصر ممن له معرفة بخطوط الأئمة أن خط ذلك التقييد والنسخة المقيد على هوامشها هو خط الفقيه الصالح الرحال أبي على الحسن صديق الشيخ السيد صالح الشرقاوي العمري وناسخه، وعليه فلا ريب أن هدم البرج المذكور كان في دولة سيدنا الجد المولي إسماعيل لأنه هو الذي هدم سور المدينة، وزاد ما وراءه غربا في المدينة فيكون المراد بسنة خمس في عبارة التقييد المذكور سنة خمس وتسعين بعد الألف.
والمسجد الذي بناه زكريا لا زال إلى الآن قائم العين والاسم فوق الساباط المذكور ويعرف بمسجد سيدي يحيى، وقد كان فيما سلف أشرف على الاندثار، وفي هذه الأزمنة الحاضرة جدد كما جددت سقايته بعد ما تناولتها أيدي الاندثار أزمنة طوالا، بعد أن كان تعذر وصول الماء إليها، إلا أنها ليست الآن على ما وصفت به من النفاسة، ومن هذا الساباط إلى ناحية الباب الجديد يسمى الآن سويقة زعبول -بفتح الزاي المعجمة وسكون العين المهملة بعدها باء موحدة فواو ساكنة فلام- وسويقة مصغر: سوق، ومن هذا المحل إلى مسجد باب البراذعيين