للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المكاره ليوثا، وفى المكارم غيوثا، أحرزوا من الفطر العلية قديمها، ومن السير العلوية فخيمها، وبرعوا أقرانهم من الأشراف، تجمع شعبتهم المباركة ثلاثة أصناف، فكان فيهم الأكابر من الأعلام، والكثير من الصلحاء الكرام، ومنهم ملوك وقتنا وسلاطينه العظام، خلد الله في الخيرات مآثرهم، وأيد بالتوفيق أوامرهم.

ثم قال: نهض للخلافة السلطان الأعظم والملك الأفخم، ركن الفخار المشيد، أبو المكارم مولانا الرشيد، طيب الله ثراه، وعمه بعفوه ورحماه، فظهر أولا ببلاد آنكاد ثم استولى على مدينة تازا وما والاها ثم على فاس فدخل دار الملك بمدينتها البيضاء ليلة يوم الاثنين الثالث من ذى الحجة متم سنة ست وسبعين وألف واستوطنها، ثم ملك المغرب باسره قطرًا بعد قطر إلى وادى نون من السوس الأقصى، وإلى قرب الأغواط من ناحية الجريد فكان مجددا للملك بالمغرب (١) انتهى.

ثم قال في النشر: ولما مر صاحب الترجمة بالموضع المسمى بالشط من الظهراء، أمر بحفر آبار شتى وهي تدعى إلى الآن بآبر السلطان، فهي مضافة إليه، فيسقى منها ركب الحجيج في مروره وإيابه، فهي من آثاره، تقبل الله منه، وكان على يده هذا الفتح العظيم، لضعفة المسلمين بل لجميعهم، في هذه المدة اليسيرة، لما جبل عليه من حسن السيرة، إذ كان من السراة الغطارف، ومن الأعجوبات في الإقدام بين المراهف، أحيا الله به رسوم الدين بعد دروسها، وأنعم المساكين بعد شدة بؤسها، خاض أمواج الأهوال حتَّى أهمدها، وقام في نار الفتن حتَّى أخمدها، فيا لها من نهضة لله ما أحمدها، تدارك الله به المغرب بما فيه من قوى وضعيف، وأغنى به الوضيع والشريف، ولا زال بسيرته المباركة كريما


(١) نشر المثانى في الموسوعة ٤/ ١٥٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>