للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاضلا، زكى الأخلاق كاملا، يتنازل على مقامه الرفيع، فيجبر خاطر المتخفض والوضيع، ومن شيمه الجليلة، ومنحه الجزيلة، مجالسة العلماء وإكرامهم، ومباسطتهم بين الملإ وإعظامهم، ومع تحمل النهوض بأمر الخلافة حتَّى ألقت إليه زمامها في مدة قليلة، أبدى مآثر في مصالح المسلمين جليلة، كبناء المدرسة التي بحومة الشراطين من فاس، وأتى على بنائها من الأساس، فبالغ في إتقانها صنعا، وبذل المجهود في إحسانها وضعا، وتجديد ما اندرس من القنطرة البديعة المعتبرة التي لا يعرف بالمغرب مثلها، وقلما اتفق في معمور الأرض شكلها، وهو أربعة أقواس منها، وهي على نهر سبو على نحو فرسخ من فاس (١).

قال: ولما أكمل قنطرة سبو بالبناء، نقشت فيها أبيات من نظم العلامة القاضي أبي عبد الله المجاصى ومنها:

صاغ الخليفة ذا المجاز ... ملك الحقيقة لا المجاز

فوقع الاعتراض عليه بأن ملك الحقيقة هو الله تعالى لا غيره، وأجيب بأجوبة منها أن الحقيقة تنقسم إلى عقلية وشرعية ولغوية وعرفية، والملك بمعنى العقلية لا يكون إلا لله وفى غيره مستحيل، فيحمل على إحدى الحقائق الباقية، والأقرب منه حمله على الحقيقة العرفية بمعنى أنَّه لا يقال في العرف ملك حقيقة إلا له، أما باعتبار الحاضرين في زمنه فلا إشكال، وأما باعتبار من مضى فهي على طريق المبالغة، وذلك سائغ في باب المدح، والله الموفق (٢) هـ.

والاعتراض المذكور هو للشيخ اليوسى في المحاضرات، قال فيه: ومن البشيع الواقع في زماننا في الأوصاف أنَّه لما بنى السلطان المولى الرشيد بن الشريف جسر نهر سبو وصنع بعضهم أبياتا كتبت فيه برسم الإعلام أولها فذكر البيت


(١) نشر المثانى في الموسوعة ٤/ ١٥٦٧ - ١٥٦٨.
(٢) نشر المثانى في الموسوعة ٤/ ١٥٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>