للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملك، ثم قصد الزاوية الدلائية وبقى مختفيا بها إلى أن أوجس في نفسه خيفة من أهلها، ففر إلى قبيلة كبدانة على الضفة اليسرى من وادى ملوية، واتصل بقائدها على بن سليمان، وبقى في خدمته إلى أن سنحت له الفرصة بأخذ قلعة ابن مشعل ونهبها، ثم بعد ذلك جمع الناس وألقى عليهم خطبة قال فيها:

أيها الناس، إننى أحكم بينكم بالعدل، وأقابلكم بالحلم الَّذي عرف به البيت الفلالى إذ أنا ابن مولاى الشريف وأخ مولاى محمد ملك تافلالت الآن، ومن العسير أن تجدوا أميرًا أعرق منى في النسب الشريف، وقد رأيتم من أفعالى ما يدلكم على كرامة أصلى، وأننى سأكون ساعيا على الدوام في مرضاتكم وسترون إن يسر الله لى في الملك فوق ما صرحت لكم به مما تكونون به سعداء مطمئنين، ولا يصدنكم عن مبايعتى ما لكم من الاحترام نحو أميركم فإنه ليس أهلا للولاية، لكونه لا يحب دولته ولا يهتم بأمورها.

وما ترقى الملك والأمراء إلا بالنظر في مصالح بلادهم والقيام بشئونها، ومن الواجب عليهم الزهد في مصالحهم الشخصية وشغل أوقاتهم بالنظر في مصالح أوطانهم، فإن عكفوا على اللهو والتمتع باللذات تعين خلعهم، وإنى أطلب منكم أن تبايعونى على ذلك، فإن وفيت فذاك، وإلا فلكم إنزالى عن العرش، ولا شك أن أهل كبدانة وغيرهم من القبائل يوافقونكم على فعلكم ويستحسنونه.

ثم بعد ذلك تمت له البيعة، فلما سمع بها على بن سليمان اغتاظ غيظا شديدا فحشد جنودا مجندة، وزحف بها لمحاربة الرشيد، ولكن كان أمره خسرًا، إذ صارت تلك الجنود المجندة تدخل في طاعة الرشيد ولم يقف بها الأمر عند ذلك الحد، بل ألقت القبض على أميرها وسلمته للرشيد فسلبه مما كان بيده من الأموال وأمر بقتله، وأنفق بعض ذلك المال في الجند قائلا هذا جزاء تعبكم وتفانيكم في خدمتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>