للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو على اليوسى: وكان محمد الحاج في ابتداء أمره طالبا فقيرا صعلوكا قليل ذات اليد، ووالده مثله فكلف والده أن يشترى له فرسا فقال له: والله ما عندى ما أشترى لك به حمارا، اشتغل بقراءتك مع بنى عمك واترك مرافقة البطالين، وأقبل على ما ينفعك فلم ينفع فيه وعظ فهجره والده وأعرض عنه وتركه وشأنه، فكان يأوى إلى كهف في جبل فوق قريتهم بالدلاء مع أحداث مثله.

فاتفق ليلة لم يأت أحد منهم غيره فأتى بقبس نار وحطب وأوقد نارا بالكهف فرأى في راوية محلا كالباب مبنيا بحجارة فتأمله فإذا هو بناء، فتوجه للقرية وأتى بآلة حديد قلع بها البناء ودخل من ذلك النقب بقبس نار فوجد محلا منقورا في الجبل وبه سبعة قماقم من نحاس مختوم على أبوابها بالرصاص، فدحرج واحدا منها إلى الكهف لثقله وكسر ختمه فوجده مملوءا بالدنانير المرينية، فأخرج القماقم كلها إلى خارج الكهف وحفر لها في الأرض ورد عليها التراب وسواه.

ورجع إلى الكهف فأغلق الباب كما كان بالحجر والطين ونكسه ونقص من القمقوم الَّذي فتح مقدار ما يحمل وتوجه به لدار والده، فوضعه بمحله، ورجع إلى القمقوم فحمله وأبلغه لمحله، ولما أصبح استرضى والده ببعض ذلك وجلب خاطره به ووصل أقاربه وبنى عمه واشترى لرفقائه وله خيلا وسلاحا واشتهر بينهم بأنه يحسن صنعة الكيمياء، وأقبل عليه البطالون.

فلم تكمل السنة إلى أن كان يركب في مائة من الخيل، فجاءه أحداث قبيلة مجاط فاجتمعوا عليه وكان يستركبهم، وعظم أمره وصار يشن الغارة على أهل تادلا، وعلى أهل ملوية وأمر أمره فدعا لنفسه هـ بنقل صاحب الروضة السليمانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>