العمومي إلى الآن، وقد كان باب الزرائعيين الماء الجاري كماجوره المتصل به، وبقربه عن يمين داخله أمام درب الفَرَسْطون -بفتح القاف والراء وسكون السين المهملة وضم الطاء بعدها واو ساكنة فنون- تنور كبير أي مجل يمتلئ من الماء الجاري في البابين المذكورين، وفي أعلى التنور ثقب نافذ لرحاب مستودع المسجد الأعظم يتناول منه الماء القيم بوظيف التوقيت والمؤذنون بحبل ودلو صونا لحرمة المسجد وأخذا بالأحوط فيما عسي أن يحدث لهم من الحدث الذي لا يبيح دخول المسجد، ولا زالت تلك الآثار المقدسة إلى حد الآن.
ومن ذخائر هذا المستودع الموجودة به إلى الحين الحالي الأسطرلاب (١) البديع الشكل المتقن الصنع مرقوم فيه بخط كوفي ما صورته: الحمد لله حبس هذا الأسطرلاب الباشا محمد بن الأشقر على منار الجامع الأعظم من محروسه مكناسة، انتهى.
وفيه بالقلم المشرقي: هذا حبس خديم المقام العالي المولى الإسماعيلي الباشا محمد الأشقر على منار الجامع الأعظم من محروسة مكناسة بتاريخ شقيح، انتهى.
وفي دائرته صنعه محمد بن أحمد البطوطي لطف الله به في سنة شقيح، انتهى.
قلت: والتاريخ المشار له بحروف لفظة شقيح (بشين معجمة فقاف فياء ومثناة تحت فحاء مهملة) هو عام ثمانية عشر ومائة وألف.
وجملة أبواب المسجد المذكور الآن أحد عشر بابا الثلاثة السالفات الذكر وباب الحجر سميت بذلك لأحجار ثلاث مسبوكات كانت مغروسة بين بابي المسجد والمدرسة المعروفة الآن بالفيلالية وفيما سلف بمدرسة القاضي ومدرسة الشهود، يمر على تلك الأحجار المتوضئ بالمدرسة المذكورة إذا رام الدخول
(١) الأَسْطُرلاب: جهاز استعمله المتقدمون في تعيين ارتفاعات الأجرام السماوية. ومعرفة الوقت والجهات الأصلية.