يخرج فيما لا أهمية له في نظر المحبس ولا في نظر الشرع، زد على ذلك وقوع التعذير في كل حين في غير المرموق بعيون أولي الأمر من المساجد ورباعها، فإذا تهدم جانب أو منفعة من منافعه أو ربع ينتفع به فيه مما هو بعيد عن التفات من ذكر ترك نسيا منسيا، حتى تعمل في مجموعه عوامل الخراب ولا يبقي له رسم ولا طل والأمر لله من قبل ومن بعد، اللهم يا مولانا وفق ولاة أمرنا لما فيه حياة شعبنا، وصلاح ديننا وسددهم وأعنهم على ذلك.
وأما مجلس الأسبوع الذي ذكر ابن غازي أن الوطاسي أحدثه، فهو الذي في أعلى ساباط الأسبوع المحمول على الجهة العليا من الجدار الشرقي للمسجد الجامع المذكور، وعلى الجدار المقابل لذلك من جدارات مدرسة القاضي المشار لها، وباب هذا المجلس هو في الصف الأول من المسجد، وقد بين ابن غازي وجه تسميته بذلك فيما مر عنه، لكن ذلك الوجه لم يستمر بل خلفه وجه آخر وهو قراءة سبع القرآن به في المصحف الذي حبسه جدنا من قبل الأم فخر الدولة العلوية بعد جده مولانا إسماعيل سيدي محمد بن عبد الله، فمن مناقبه -قدس الله روحه- تحبيسه لمصحف عتيق بخط بارع، تراجمه وسوره وأجزاؤه بالقلم الكوفي الذي لا يوجد له مثيل، سفره من ألواح الساج البديع المرصع بالصفائح المموهة بالذهب اللطيفة الشكل، قرأت عقد تحبيسه بأول ورقة من ذلك المصحف بتاريخ الثامن عشر من رجب عام سبعة وسبعين ومائة وألف، على خزانة الجامع المذكور.
وفي هذا المصحف كانت تكون قراءة السبع الواحد من القرآن بالمجلس المذكور كل يوم، وافتتاح أولها يوم السبت، وختم آخرها عند جلوس الخطيب على المنبر يوم الجمعة، وتقسيم هذه السباع على النهج المبين في قول القائل:
فإن تشأ فقف على ما قد وقف ... عليه خير مرسل مع السلف