ومعنى هذه الأبيات إن أردت أيها القارئ المتعبد بالتلاوة موافقة السنة وعمل سلف الأمة في تعبدك وتلاوتك، فقف وقفا ليس بالواجب عليك في يوم افتتاحك على سورة العقود، وفي ثانيه على سورة يونس، وفي ثالثه على سورة الإسراء وفي رابعه على سورة الشعراء، وفي خامسه على سورة اليقطين، وفي سادسه على سورة قاف، وفي سابعه يكون الختم ويدل لهذا ما في النوع الخامس والثلاثين من الإتقان من أن قراءة القرآن في سبع هي أوسط الأمور وأحسنها، وهو فعل الأكثرين من الصحابة وغيرهم، وما أخرجه الشيخان عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرأ القرآن في شهر، قلت: إني أجد قوة، قال: اقرأه في عشر، قلت: إني أجد قوة قال: "اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك".
وما أخرجه أبو عبيد وغيره بن طريق واسع بن حَبَّان (١)، عن قيس بن أبي صعصعة وليس له غيره أنه قال: يا رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ قال: "في خمسة عشر قلت: إني أجد أقوي من ذلك، قال: اقرأه في جمعة".
وقول ابن أبي زيد في الرسالة ومن قرأ القرآن في صبع فذلك حسن، انتهى.
قال الشيخ زروق: يعني أن الختم في كل أسبوع حسن، وعلى ذلك كان السلف فمنهم من يجعلها بين الليل والنهار، ومنهم من يجعل ختمة بالليل وختمة بالنهار فيختمون الليلة ليلة الجمعة، والنهارية يوم الاثنين، ويكون ذلك أول الليل وأول النهار يستغفر له الملائكة في بقية يومه، وقد اختلفت طرقهم في التجزئة وأحسنها في اليوم الأول ثلاث سور، وفي الثاني خمس، وفي الثالث سبع، وفي الرابع تسع، وفي الخامس إحدي عشرة، وفي السادس ثلاث عشرة، وفي السابع يختم بقيته إلى أن قال: ومنهم من يجزئ بالأحزاب والآي ونحو ذلك، وكلٌّ واسع وفعل السلف أحسن.
وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء: "قيل إن أحزاب القرآن سبعة،
(١) بفتح المهملة ثم موحدة ثقيلة، قيده ابن حجر في التقريب - ص ٥٠٩.