حروب يشيب لها الرضيع انجلت بانهزام أبي الحسن وفراره واستيلاء المترجم على درعة.
وفى ضحى يوم السبت ثانى عشر ربيع النبوى سنة ست وخمسين وألف وقعت بينه وبين محمد الحاج الدلائى وقعة الكارة الشهيرة أسفرت حروبها الطاحنة عن انهزام صاحب الترجمة واستيلاء الدلائى على سجلماسة شر استيلاء، وفعل فيها أصحابه شرار البرابر من أنواع الشدة والقساوة كل شنيع، وكان ذلك من جملة ما بذر من الأحقاد والضغائن التي حملت الرشيد أخ المترجم على استعمال الشدة مع أهل الزاوية الدلائية حسبما مر بك.
ثم بعد ذلك انبرم الصلح بين الدلائى والمترجم على أن ما يتصل بالصحراء إلى جبل بنى عياش يكون للمترجم، وما دون ذلك إلى ناحية الغرب للدلائى، ثم استثنى أهل الدلاء خمسة مواضع أُخر كانت في ولاية المترجم أضافوها لولايتهم، وشرطوا على المترجم أن لا يحرك لهم ساكنا فيها.
وبعد ذلك رجع أهل الدلاء في جموعهم، ثم اطلع المترجم على ما أوجب الفتك ببعض الأماكن المستثناه فحكم السيف فيها.
ولما اتصل الخبر بأهل الدلاء كشروا عن أنيابهم (١) وجمعوا جموعهم وساروا إلى سجلماسة مصممين على اجتثاث المترجم وشيعته، وكتبوا له متهددين عليه ورموه بالغدر، وقالوا: إنه ناكث، ومقسم حانث، وأغلظوا القول وَبَالَغُوا في الفحش، فأجابهم برسالة يقول في آخرها: وحتى الآن إن رغبتم في الخير فهو مطلبى. ومغناطيس طبى دران عشقتم الغير فجوابى لكم قول المتنبى:
ولا كتب إلا المشرفية والقنا ... ولا رسل إلا الخميس العرمرم