ربيع الأول سنة أربع وستين وألف، ثم خلفه أخوه محمد في الإمرة ومات سنة سبعين وألف.
ثم إن المترجم ولى وجهه شطر تمهيد عمائر الصحراء وبلاد الشرق، فصار يتقصى تلك القرى والمداشر إلى أن بلغ آنكاد، فبايعه عرب الأحلاف وسار بهم إلى بنى يزناسن، وكانوا يومئذ في إِيالة الترك، فحاربهم واستولى لأعراب على ما كان بين أيديهم من الماشية، وسار إلى وجدة وكان أهلها إذ ذاك على حزبين، حزب قائم بدعوة الأتراك، وحزب خارج عنها، فانضم الخارجون عن الأتراك للمترجم وشردوا شيعة الترك عن البلد، فصفت له وجدة.
ثم غزا أعمالها إلى أن دخل أهلها في طاعته، ثم توجه لناحية ندرومة فشن الغارة على مضغرة وكديمة وما إلى ذلك ثم آب إلى وجدة، فأقام بها مدة، ثم توجه إلى تلمسان وأغار على سرحها وسرح القرى المجاورة لها، فبرز إليه أهلها بعسكر الترك الذى كان بالقصبة فأوقع بهم وقعة شنعاء ورجع إلى وجدة، وأقام بها إلى أن انصرم زمن الشتاء.
ثم نهض منها وسار على طريق الصحراء فأغار على الجعافرة وانتهب أموالهم، وهنالك قدم عليه شيخ حميان محمود من بنى يزيد في قبيلته مبايعا، وقدمت عليه دخيسة كذلك وقدمت إليه بيعتها وأغرته على الأغواط وعين ماضى وما والى ذلك، فاستولى على تلك القرى ونهب أموالها وفرت أمامه عرب الحارث وسويد وحصين من بنى مالك بن زغبة، فنزلوا يجبل راشد متحصنين به.
فرجع عنهم واضطربت أحوال المغرب الأوسط وامتدت عيون أهله إلى الانقضاض على الأتراك وأخذ (ياى) معسكر يخندق على نفسه وطير الإعلام إلى صاحب الجزائر بما لحق رعاياهم من صاحب الترجمة، فأخرج صاحب الجزائر عساكره وهيأ مدافعه واستعد للحرب والمقاومة، وقدم نائيه بالعساكر إلى تلمسان،