للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إن كان اختلاله راجعا إلى اختلال أحوال المسلمين، وانتكاس أمور الدين، فإن ذلك يسوغ للأمة خلعه لأنه كما كان لهم نصبه لانتظام ذلك وإعلائه كذلك يكون لهم خلعه إذا ظهر منه ضد ما نصب له، نعم إن أدى خلعه إلى الفتنة فإنه يجب والحالة هذه درء أعظم المفسدتين، ثم في الحالة التي قلنا إنه يجب الصبر ولا يجور الخروج عليه إن فرضنا أنه وقع ونزل وقام عليه من هو موصوف بالعدالة وجبت نصرة العدل، حتى يظهر دين الله، هذه زبدة ما طول به أئمتنا في هذا الموضوع.

إذا تمهد ذلك فاعلم أن صاحب الترجمة لما رأى ظهور العجز والهرم في الدولة السعدية وعدم انتظام الأمور وكثرة وقوع الخلل في أحوال الرعية والترامى على الخلافة ممن ليس من أهل منصبها ولا ينتظم به أمرها، وقويت أطماع المجاورين للإِيالة المغربية من الأوربيين، وكثر الهرج والمرج، وفسدت السابلة وعدم الأمن فيها، وتعذر على السعديين رتق ما انفتق (١) بقيام عبد الكريم بن أبى بكر الشبائى المعروف بكروم الحاج، وأبى عبد الله محمد بن أحمد المالكى الزياتى الشهير بالعياشى صاحب المواقف الشهيرة في الإسلام المتوفى شهيدًا بعين القصب من بلاد الخلط تاسع عشر المحرم عام إحدى وخمسين وألف، والدلائيين برابرة مجاط وبودميعة المذكور آنفا، وصنوه أبى حسون كما ذلك مبسوط في غير ما ديوان مطبوع.

وقد أومأنا فيما مر لشذرات من ذلك على سبيل الإيجار وكان من قاتل تحت راية عمية (٢) يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل، فقتلة


(١) في المطبوع: "انتفق" والفتق: الخلاف بين الجماعة وتصدع الكلمة.
(٢) في هامش المطبوع: "بالكسر والضم مشددتى الميم والياء من العمى الضلالة كالقتال في العصبية والأهواء".

<<  <  ج: ص:  >  >>