والأمصار، ولم يتخلف أحد من أهل المغرب الأقصى عن تقديم الطاعة لجلالته ولا نازع فيها، وهو يستقبل كلا بما يليق بمقامه ويهش ويبش ويحسن ويتبرع.
ولما فرغ من أمر الوفود نهض من مراكش أواخر ربيع المذكور، وفى أواخر ربيع الثانى حل برباط الفتح، فاستقبله أهل العدوتين بغاية الارتياح والانشراح، ووصل الشرفاء والعلماء وحملة القرآن والضعفاء، وزار القصبة فحيته مدافع أبراج العدوتين، وزار معمل صنع السفن، وركب سفينة قبل عومها وصار ينثر الدراهم من فوقها على المحدقين بها، وهم على اختلاف طبقاتهم يلتقطون ما ينثره عليهم.
ثم بعد ذلك نهض إلى عاصمة جده المكناسية فدخل دار الملك وفرق الراتب على العبيد ووصل الأشراف والفقهاء والطلبة، ولما اتصل بأهل فاس خبر حلول جنابه بها توجه جم غفير منهم لاستقباله فيها، وذلك في سابع ربيع الثانى من العام، فقابلهم بكل اعتناء واعتبار، وأنزلهم منزلة التجلة والإكرام، وأقاموا في ضيافته أيام ثم وصلهم وأذن لهم في الأوبة.
وفى سابع عشرى ربيع المذكور حل بالعاصمة الفاسية حلول إعزاز وإعظام، فخرج لاستقباله جميع طبقات أهل فاس، وكذا الودايا، وخيمت عساكره وجنوده بالصفصافة، ودخل هو لدار الإمارة وعزى إخوته وأخواته ووعدهم خيرًا، ثم رجع لمحلته فبات بها.
ومن الغد توجه لدار دبيبغ محل سكنى والده الخاص، فأحصى متخلفه من أثاث وفرش وخيل وسروج وسلاح ومال.
ولما أحاط علما بمقادير ذلك كله ترك الكل تحت يد من كان مكلفا به على عهد والده، وكان المكلف بالأموال الوصيف القائد علال بن مسعود وغيره مما ذكر على يد غيره والكل إلى نظر الحاجب القائد عبد الوهاب اليمورى، وكان أكثر ما خلف من المال ذهبا وإليك تفاصيل ذلك: