لبيت المال تأخذون ما فيه، واختلق كرامات استهوى بها بعض الحمقى والمغفلين وكثير ما هم، ومن أجل ذلك اجتمع عليه عدد عديد منهم، ودخل بهم مراكش يريدون القصبة السلطانية فافتتن الناس بذلك.
ولما اتصل الخبر بالمترجم وهو يومئذ ثم وجه إليهم أعوانه، فقبضوا على رأس الفتنة وافترقت جموعه، ولما مثل بين يدى صاحب المترجم أمر بقتله فقتل.
وفى العام ورد عبد الكريم راغون من سفارته لاصطنبول مصحوبا بهدية السلطان مصطفى العثمانى للمترجم، وهى مركب حامل لمدافع ومهاريز وعدة قنابل وغير ذلك مما يأتى ذكره، وكان نزول ذلك بثغر العرايش.
وفيه عقد السلطان مع الدانمرك معاهدة سياسية تجارية سنأتى على نصها.
وفى عام اثنين وثمانين ولى ابن عمه أبا العلا إدريس بن المنتصر عاملا على حاحة، وعقد له على ألفى فارس، وسار إلى أن استوفى منهم الموظف عليهم.
وفيه وجه ولده خليفته أبا الحسن عليا للحج وفى معيته صنوه عبد السلام صغيرا، وزفت معهما أختهما بنت المترجم لسلطان مكة الشريف سرور، وكان في جهازها ما يزيد على مائة ألف دينار من الذهب والجواهر والأحجار الكريمة، ووجه معه هدية للحرمين الشريفين حسبما نفصل ذلك بعد، ووجه معه من وجوه أهل المغرب وأولاد الأمراء وشيوخ القبائل وجملة من حاشيته بالخيول المسومة والأسلحة المذهبة ما تحدث الناس به في الشرق دهرًا، ووجه مع الوفد هدايا لولاة طرابلس ومصر والشام، وكان يوم دخولهم مكة مهرجان عظيم حضره أهل الموسم كلهم.
وفى السنة نكب السلطان المترجم كاتبه المؤرخ أبا القاسم الزيانى وهى نكبته الثانية بعد الأولى التي وقعت له ولأبيه بالينبوع في رحلتهما الحجازية.
قال في الترجمانة الكبرى: "وتقلبت في منصب الكتابة من غربه لشرقه، ولقيت من زعازع أرياحه ورعده وبرقه، إلى أن بلغت كرة الرأس ومضيق العنق،