وبعد صدور هذا الظهير تمشى فيه المكلفون بتنفيذ أوامره على غير ما رسمه المترجم مدة، ثم رفعت لجلالته الكريمة الشكاية بالحيف الواقع والمحابات، ولما تحقق لديه ذلك أصدر ظهيرًا آخر في الموضوع لولده المولى المأمون والشيخ التاودى نصه:
"الحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا ونبينا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم؛ ولدنا المأمون أصلحك الله، والفقيه السيد التاودى السلام عليكما ورحمت الله وبركاته.
وبعد: فإن بعض الشرفاء وردوا علينا شاكين بأبناء عمهم الستة عشر شعبة أهل العصبية الذين يقبضون مال المنقطعين، فقد بلغنا أنهم أطلقوا ألسنتهم بالمعرة ولم ينتهوا، فتحققنا أن سبب كل فتنة شعبتان من أهل العصبية سولت لهم أنفسهم الإمارة أن فاطمة رضى الله عنها لم تلد غيرهم.
ولما تفطنا من كلام الشاكين وتأملنا أمرهم وجدنا الحق معهم، لأنهم كلهم أهل رسوم وظهائر، والنسب يحاز بما تحاز به الأملاك، ولا حجة للأقوياء على الضعفاء غير ما يقولونه بأفواههم، وكل ما ينشأ بينهم من الأذى فهو في صحيفة الفقيه المذكور، لأنا كنا عاهدنا الله في هبة ذلك لكل من تقدم سلفه قاطنا بفاس من أول المائة الثامنة إلى سيدنا الجد قدس الله روحه.
فأبهم الأمر علينا حيث وقع الحيف والمداهنة، وأنا أستغفر الله من ذلك لأنهم جعلهم قبائل مع كونهم شعبًا، وهو محقق بأن الإمام مولانا إدريس أفاض الله علينا من بركاته آمين، خلف بضعة عشر ذكرًا ولكل منهم عقب، وقد علم ما وقع بهم حسبما ذكره المؤرخون، وعقد أغفلوا كلهم لدخولهم في غمار العامة تغطية على أنسابهم، فكان ذلك سبب سلبهم الشهرة من شدة ما أصابهم من