جنسهم، وخرج الجميع من مكناسة لطنجة، ومنها كان ركوبهم لإسبانيا، ودخلوا في طريقهم لسبتة منتصف ذى الحجة سنة ١١٧٩، وأطلقت لأجل حلولهم بها المدافع، وتلقوا فيها بكل ترحيب، وأقاموا فيها ستة أيام، في رعاية وإكرام.
وطلب منهم حاكم المدينة أن يكلموا له المجاهدين المرابطين على أبواب سبتة وحدودها ليتركوا مواشى المدينة ترعى قرب رباطهم بقليل، فأجيب إلى ذلك.
وفى الواحد والعشرين من ذى الحجة ركبت السفارة منها البحر للجزيرة الخضراء، وشيعت بالمدافع كما تلقيت بمثل ذلك في الجزيرة، وأقيمت فيها حفلة رقص تكريما لها، حضرها حاكم المدينة وغيره، ومن الغد اتصل الحاكم بكتاب ملكه يخبره أنه بعث خمس مراكب لمرسى سبتة لعبور السفارة عليها، وأمره إذا كانت قد عبرت قبل وصول الكتاب أن يبقيها في ضيافته ثلاثة أيام حتى تجئ الخيل التي بعثها للسفارة، فإذا مرت الأيام دون مجيئها فليبعثها مع ثلانين فارسا مما عنده.
ومن الجزيرة ساروا لمدينة طريف فدخلوها في ازدحام عظيم واحتفال كبير كما خرجوا منها في مثل ذلك إلى مدينة (حراثة) حيث التقوا بالخيل المبعوثة من الملك مع الفسيان المكلف بمصاحبتهم، وقد ذكر لهم اعتناء الملك بهم وتشوفه لملاقاتهم، وأقيمت للسفارة في هذه المدينة حفلة رقص وشاهدت مصارعة الثيران، المعروفة عن الإسبان، ثم ساروا لمدينة (حريز) ومنها لـ (الابريخة) فـ (بلاصيوص وبلا فرنكة) فإشبيلية، حيث نزلوا منها بقصر فخم للملك وشاهدوا جامعها الأعظم ومصنع المدافع والمدرسة البحرية، ومنها ساروا لمدينة قرطبة على طريق قرمونة (فالفوينصى) فـ (أيسخا) فـ (الراملة) فزاروا جامعها الشهير ورأى فيه الغزال لوحتين كتبت فيهما البسملة والصلاة على النبى - صلى الله عليه وسلم - موضوعتين بعتبة بعض