للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطيقون، وأن يعالج مريضهم بالمستشفى كغيره، وأن لا يلزموا بالعمل وقت صلاتهم، وأن لا يهملوا فيما لابد منه من الكسوة والمأكول.

وذكر للوزير أن هذه الأمور لا تكبر على الملك، ولا يأمر بخلافها ولكن المكلفون بهم يجحفون بها ويؤذونهم، فوافق الوزير على جميع ذلك وأمضى عليه بعد إعلام ملكه به، وفى الحال أمر لجميعهم بالكسوة وأوصى بالرفق بهم.

وسأل الوزير نيابة عن ملكه هل لكم من حاجة أخرى نفور بقضائها، فشكروه على تحقيق أملهم في شأن الأسرى وأنهم لم يبق لهم إلا ما وعد به الملك على لسان الراهب الملازم له من كتب الإسلام، وتمييز حملة القرآن من الأسرى بعلامة يعرفون بها.

ثم ذهبوا لمدينة (شغوبية) لرؤية الرؤساء الأربعة عشر الأسرى المسجونين بها إجابة لطلبهم، فأنسوا غربتهم وواعدهم خيرا، وبقوا معهم، من الصباح للعصر، وأحضر الغزال المكلف بهم وأوصى بهم وواعده بقضاء غرض له عند الوزير في مقابلة ذلك، ولما أرادوا الرجوع لـ (الاكرانخة) وجدوا بباب مدينة (شغوبية) تمرينا على الرمى بالمدافع أقيم لهم هناك، وبعد أربعة أيام من ذلك خرجوا من (الاكرانخة) للاسكوريال بعد الوداع، ومنها لمدريد.

وفى أثناء الطريق التقوا بالأسارى فأنسوهم وواعدوهم، ودفعوا لهم الصلة السلطانية الجارية عليهم عادة كل سنة، ووجدوا الكثير منهم مثقلا بالسلاسل لتكرار فرارهم، فكتب الغزال للملك متشفعا في إزالة قيودهم وراغبا في إطلاق رجل أعماه البارود فأجابه إلى ذلك، وكان عدد أولئك الأسرى العاملين في الطريق التي بين المدينتين مائتى أسير وأربعة، وكانوا ثلاثمائة فر بعضهم ومات الآخر، وجلهم من الجزائر وبعضهم أتراك ولما دخلوا مدريد توجهوا للمستشفى لزيارة بعض الأسرى المرضى المعالجين به وإعطائهم صلتهم وإيصاء كبير المستشفى

<<  <  ج: ص:  >  >>