عليهم بزيارة الاعتناء بهم، ومكثوا في هذه المرة ما يقرب من الشهر في انتظار ما وعدوا به من كتب الإسلام التي كانت بمدريد، ثم أضافوا لها كتبا أخرى من غرناطة ثم أخرى بعثت لهم لقالص.
وفى الثامن والعشرين من جمادى الأول بارحوا مدريد إلى (ارخويس) إحدى مصايف الملك، فمكثوا بها يومين، وراروا القصر الملوكى، ثم ساروا إلى طليطلة فزاروا مسجدها الأعظم، وركب الغزال مع الحاكم للطواف على الآثار الإسلامية بها، ومكثوا هناك ثلاثة أيام ثم ساروا متنقلين في القرى والبلاد إلى قرطاجنة، فلما أشرفوا برز للقائهم جماعة من المسلمين رجالا ونساء وصبيانا معلنين بالهيللة ثم يتبعونها بالدعاء للسلطان ولهم ضجة، وكانوا مسرحين وحكمهم حكم الأسير لا يستطيعون الخروج من البلاد إلا بعد أداء ما أوجبوه عليهم وواعدوهم وبشروهم بأداء ما يطلبون به وحملهم لبلادهم، فأخذت نساؤهم في الزغاريت وصبيانهم يرقصون والرجال يشكرون الله ويدعون للسلطان الذى أنقذهم.
وقد خرج للقائهم حاكم المدينة وأمراء البحر وغيرهم ودخلوا على العادة في ازدحام عظيم، ثم بعد ذلك ذهبوا لرؤية الأسرى بحضرة المكلف بهم فتلقوهم بالإعلان بالشهادة والدعاء للسلطان، وأخبروهم بما أتوا لأجله، وجعل الغزال يكتب اسم كل واحد ولقبه والشيوخ الذين يقع الاختلاف في قوتهم طلب الغزال أن يحكم فيهم الأطباء، فأحضروا فكان المسرحون من الشيوخ اثنين وستين نسمة، ومن أهل المغرب أربعين وجدت أسماؤهم مكتوبة على أنهم مغاربة، ثم ألحق بهم عند الاستعراض واحد وعشرون ثبتت مغربيتهم، والمنتسبون الذين لم تثبت نسبتهم أخروا للاستفسار.