ثم بعد ذلك فرقت عليهم الأموال المنعم بها عليهم، ثم أخذت السفارة في مخاطبة الحاكم في الأسرى المرهونين في الأداء فأحضرت رسوم فكاكهم فوجدت صحيحة، فأدت السفارة عنهم الواجب وكان بينهم امرأة لها بنتان وأبوهما لا يزال أسيرا ففدى منه.
ثم أخذ الغزال يبحث عن الأسرى الذين بيد أفراد الناس ليعطيهم صلتهم، فكان من جملتهم بنت من ناحية تلمسان قد بلغت الحلم يملكها جيار منعها من الذهاب للسفارة حتى سمع أن ذلك إنما هو لأخذ الصلة، فلما جاءت أخذت تبكى وتطلب العتق وذكرت أنهم يريدون بيعها ببلدة بعيدة، وأن ربتها تدعوها لدينها، وأنها لا تريد بالإسلام بديلا، فوقع فداؤها بعد توسط الحاكم عند مالكها الذى علق ذلك على مشورة زوجه، وهذه أجابت لذلك بعد المشقة الفادحة، فأضيفت للنساء وأجريت عليها النفقة.
كما وقع إنقاذ أسيرين آخرين، أحدهما كان عند "الضون اسدر كم صلص" التاجر الجميل الأخلاق الذى أنزلت بداره السفارة في إكرام بقرطجنة، وكان يريد أن يفتدى والسفارة لا ترى من المروءة أن تخاطب صاحبه في شأنه وهى في داره موضع إكرامه، فلما بلغه ذلك قدمه هدية وأبى أن يقبل عنه عوضا، فلما أبى الغزال قبوله إلا بعوضه قال: فلتكن المكافأة عند وصولى لبلادك في المسائل التي تعرض لى بالبربرية، والثانى تونسى مسن كان عند ضابط اسمه "سبيكيلطو" قدمه صاحب هدية ورجع مشكورا.
وقد حمل الأسرى من قرطجنة لقالص في مركب حربى أعد لهم حيث يذهبون مع السفارة من هناك، وذهب أصحاب النساء والأولاد في مركب اكترى لهم بمائتى ريال وخمسين ريالاً خشية حدوث ما لا يحمد من الجنود.