بلغت نفقاتها مدة ستة وعشرين يوما قضتها بين ظهرانيهم ألفى ريال وسبعة وأربعين ريالا كبيرا.
وفى خامس ربيع الثانى ركبوا البحر ولما صعدوا المركب حيتهم المدافع، ومن الغد سار بهم إلا أن اضطراب البحر اضطرهم للرجوع للمرسى فمكثوا بها ثلاثة أيام ثم سافروا إلى مالطة، فوصلوها بعد معاناة أهوال البحر وشدائده في اثنين وعشرين يوما من يوم خروجهم الأول من قادس، فمكثوا بالمرسى سبعة عشر يوما في الحجر الصحى، وبعث لهم صاحب الجزيرة يخبرهم بإسقاط ثلاثة أيام من الحجر عنهم لأن مدته كانت عشرين يوما، فحملت أمتعتهم ونزلوا من المركب فحيتهم المدافع وتلقوا في البر بالأكداش لركوبهم، وفى طريقهم التقوا بصاحب الجزيرة مارا في طريقه فحيوه بالإشارة، وساروا للمحل الذى أعد لنزولهم دون إجراء نفقة عليهم، لأن السفير الحافى كان لا يزال مقيما في الجزيرة، فكأنهم لا يستطيعون الإنفاق على السفارتين.
وكان المحل دارا {كبيرة فيها نحو السبعين قبة أحاطت به طائفة من الجنود
لأداء واجب التعظيم، وبعد ثلاثة أيام أتاهم وكيل كبير الجزيرة وأعلمهم بالملاقاة
عند العصر، ولما دنا الوقت أتاهم بكدش الحاكم موكله "منويل دروبلد" فركبوه
وتوجهوا إليه، فلما دخلوا عليه وجدوه واقفا ولباسه لباس الرهبان، فنزع ما على
رأسه وأبدى لهم البشاشة والانشراح وأشار إليهم بالجلوس فجلسوا وجلس، ثم
أعاد عليهم السلام وسألهم عن سفرهم وعن البحر}.
ثم أخرج ابن عثمان الكتاب السلطانى فقبله ودفعه إليه ففضه فوجده بالعربية فأعطاه للترجمان وطلبوا منه الوقوف معهم في أمر الفداء فأجابهم لذلك، وعين وكيله ثم انصرفوا عنه بعد هنيئة وتركوه واقفا.
ثم شرعت في افتداء الأسارى الذين جاءت من أجلهم، وفى أثناء ذلك