وظيف الأعشار، ترغيبا لهم فيها فأسرعوا إليها فعمرت في الحين (واستمر الترخيص لهم فيها مدة من السنين) ثم ردها إلى ما عليه سائر المراسى.
ثم قال المولى عبد السلام في الدرة:
ومن ذلك أيضا بناء مدينة طيط (الجديدة) وقد كانت قديما بأيدى الروم كما قدمنا وخربها بعد الفتح سنة اثنتين وثمانين، وأمر بتجديد عمارتها سنة واحد ومائتين وألف، واتخذ بها ألفا من العسكر من جنود الوصفان، وأدار سورها وعظم بها العمران، فصارت إحدى مدن المغرب، يقصدها التجار من الآفاق، وترد إليها القوافل والرفاق، وترسى بها السفن الجهادية وسفن التجار، فجاءت من أشرف الحسنات وأعظم الآثار.
وكذلك تجديد مدينة آنفا وكانت اندثرت رسومها، وطمست معالمها، فجدد بناءها ورفع قواعدها فبنى بها المساجد والحمامات، واتخذ بها المعاقل الجهادية وجميع الآلات، وسكن بها ألفا من أجناده، فقصدها التجار من جميع مملكته وسائر أقطار بلاده، فجاءت من أحسن الثغور، نسأل الله تعالى أن يضاعف له بها الحسنات وينيله الأجور.
وكذلك عمر ثغر فضالة، ورباط الفتح، ومهدية، والعرائش، وطنجة، وتطاوين وغيرها، وجدد جميع أسوارها واحتفل في تكثير آلاتها وبنى بها المساجد والأسواق والحمامات، ضاعف الله له بذلك الأجور وأسنى له الحسنات.
ومن مآثره أيضا بناؤه المشهد الأعظم، والأثر الأفخم، على ضريح الإمام إدريس بن عبد الله الكامل فجاء في غاية ما يكون من الإتقان، وعظيم الأبهة وعلو الشان، كسا القبة كلها من داخل بالحرير الأحمر وسفائف الذهب الأحمر، وبسطها بالبسط الأرمينية، وأوقف على الضريح المذكور أوقافا عظيمة للطلبة