وخلد رب العرش أمرك في الورى ... به تسعد الدنيا ويبتهج الدهر
ودمت قرير العين للدين والهدى ... ودام مدى الأيام يخدمك النصر
وقد ألف فيه ثلاث رسائل في مدح مخدومه فيها مسلكا لم يسبق إليه واستنبط كما قال من أمداحه، ما لم يهتد إليه بلغاء مداحه، فلغزال أمداحه الباع العريض، في منافسة أهل الأدب وبلغاء القريض، وقد آلى على نفسه، ألا يأتي في أمداح سيده بما تستطيعه أبناء جنسه، وأن يخترع بكل عام من الأدب ما يتعجب من إبداعه، على اختلاف أصنافه وأنواعه.
ولم يزل يجيل فرس الفكر بميدان التأمل والاعتبار، فيما يناسب من أمداح هذا الملك الجليل المقدار، إلى أن فتح عليه في طرق ما سلكها قبله ذو ذهن ثاقب، ولا عبرها من سمت منه في الأدب مناقب، أول تلك الرسائل (اليواقيت الأدبية، بجيد المملكة المحمدية) وضع فيها أربعة أبيات في مربع كل بيت من بيوت ذلك المربع فيه تاريخ لبيعة الممدوح الذى هو حادى عشر المملكة العلوية فاجتمع من بيوت ذلك المربع ستة عشر تاريخا، أضاف لها قصائد على عددها الذى هو عدد البحور الشعرية، فجاءت كل واحدة من بحر، وافتتح حروف أوائل أبياتها بحروف الأبيات الأربعة الموضوعة في المربع، ثم أتى بعدها بستة عشر بيتا مفردا من كل بحر بيت، وفى نقط حروف كل بيت تاريخ.
كذلك من قوله في تلك القصائد من (نزهة الملك المنصور، في مستعذب وافر البحور:
(ر) حيب البذل بادى العدل مسدى ... جزيل الفضل عن كرم وجود
(فـ) ضائله الغزيرة ليس تحصى ... ومن يحصى الجواهر بالعقود