للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجسه هناك وعضده إخوته وأهل عصبيته، فلم يسع حرسه إلا مساعدته، ففتح له فدخل وأسرع بالغلق عليه لئلا ينضاف إليه غيره، فلم تمض عليه هنيئة هنالك حتى شاهد الحرس وغيرهم الدم خارجا على باب القوس ففتحوه، فوجدوا الشريف المذكور فتك بالمتمرد أجهز عليه بمدية صغيرة كان خبأها في عمامته، فأسرع العامة إلى جثته فأخرجوها مجرورة إلى آخر أبواب الضريح وحزوا رأسه، وهيأوا وفدا للذهاب به للمترجم للرباط، وجرت جثته إلى باب الحجر أحد أبواب الزاوية وعلقت هنالك عظة وذكرى لكل باغ، وبقيت معلقة مدة، وإليك نص ما كتب به المترجم في ذلك بعد المقدمات:

"وبعد فإن فتانا من سفيان مرق من الدين، وفتن بأمور شيطنته من اغتر به من المسلمين، وجمع عليه أوباشا من أمثاله، وأضرابه وأشكاله، وتقدم بهم لدار خديمنا ابن عودة فقاتلوه، ثم تقدم بهم للشراردة فقاتلوه، ثم تقدم بهم لزاوية مولانا إدريس فقاتلوه قتالا يرضى الله ورسوله ولم يحصل لهم من قتاله ضجر، ثم قبضوا عليه وقتلوه وعلقوه بباب الزاوية المسمى بباب الحجر، وأغلقوا الأبواب بعد ذلك على من دخل معه من أتباعه، وأنصاره وأشياعه، فقبضوا عليهم وجعلوهم في السلاسل والأغلال.

ونحن على نية إقامة الحد عليهم إن شاء الله تعالى جزاء وفاقا على ما ارتكبوه من الفساد وقبيح الأعمال، وما كان منهم حينئذ خارجا عن الباب تختطفه الأيدى، وجنوا إنّما وما سعوا فيه من البغى والتعدى وقطع دابر جمعهم فالحمد لله حق حمده، وما كل نعمة إلا من عنده، وأعلمناكم لتكونوا على بصيرة، إذ ربما يبلغ المرجفون على عادتهم النازلة على غير وجهها والسلام في ثامن عشر شعبان المعظم عام ثمانية وسبعين ومائة وألف".

<<  <  ج: ص:  >  >>