مجردا إلا من خيبة سعيه، وما سقى إلا بكأس بغيه، واستولت العساكر والأجناد، على جميع ما كان من أهل الفساد.
ومن المعلوم أن من سل سيف البغى يعود إلى نحره، ومن ركب متن ... يغرق في بحره، وأن الفتنة نار تحرق من أوقدها، والمخالفة صفقة تعود بالخسارة على من عقدها.
ولما أردنا معاودتهم لقطع دابرهم. وتشتيت ما بقى من رماد أثرهم، تعلقوا بالمرابطين من ذوى الوجاهات، وأكثروا من الذبائح على المحال وتوجيه العارات، وقاموا بواجب السمع والطاعة، في كل ما أمرناهم به جهد الاستطاعة، فأبقينا عليهم وإن عادت العقرب عدنا بحول الله لها وكانت النعل لها حاضرة.
فالحمد لله الذى خيب آمالهم، وأبطل أعمالهم، وأركد إعصارهم، وخذل أنصارهم، لما أعمى أبصارهم، وردهم ناكصين على الأعقاب، بعد سلب الأموال وقطع الرقاب.
ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب، ونعوذ بالله من الآراء المعكوسة، والحظوظ المنكوسة، وسوء الفعل الذى يورد المهالك، والحرمان الذى يجعل البصير كالأعمى في دجنة الليل الحالك.
هذا ويصلكم ما قطع من رءوس قتلاهم لتعلق بباب المدينة ويعتبر بها المعتبرون، ويتذكر بها المتذكرون، والله أسأل أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، وأن يكون لنا وللمسلمين بما كان لأوليائه، وأحبائه وأصفيائه، وأن يوفقنا وإياهم لما يحبه ويرضاه ويختم للجميع بخير والسلام في ذى الحجة الحرام عام ثمانية وسبعين ومائتين وألف".