وفى سنة أربع وثمانين ومائتين وألف وقع بالمغرب غلاء مفرط أرخ الناس به.
وفى سنة خمس وثمانين ومائتين وألف عم الوباء، وفيها صدر أمر المترجم بضرب الدرهم الشرعى وأن لا يذكر في عقد ولا معاملة غيره وشدد في ذلك وأوعد.
فمن ذلك ما كتب به في الإعلان بذلك ونصه:
"وبعد فإن أمر السكة من الأمور الواجبة المتعين رد البال إليها والاهتمام بشأنها، والنظر فيما يصدر سببها، من النفع والضرر للمسلمين وبيت ما لهم، وقد كان أسلافنا رحمهم الله اعتنوا كثيرا بشأنها وبضبط مصالحا ودفع مفاسدها وجعلوها على قدر شرعى معلوم لضبط أمرها والتبرك بتلك النسبة، إذ بذلك يعلم المسلم علم يقين كمال النصاب عنده، فتجب عليه فيه الزكاة التي هى من دعائم الإسلام أو عدم كماله، فلا يكون مخاطبا فيه بشئ.
ولما رأينا ما حدث فيها من التغير وعدم الضبط ونشأ عن ذلك من الضرر للمسلمين وبيت مالهم ما لم يخف على أحد، اقتضى نظرنا السديد ردها لأصلها الأصيل، الذى أسسه أسلافنا الكرام سنة ثمانين ومائة وألف، إذْ لَنَا فيهم أسوة حسنة على الإجمال والتفصيل، فرددنا الدرهم الكبير المسكوك على وزن الدرهم الشرعى، والمنهاج المرعى، كما كان على عهد جدنا سيدى الكبير قدسه الله، وجدد عليه وابل رحماه، بحيث تكون عشرة دراهم منه هى المثقال، كما هو معلوم أن عشرة دراهم من الدراهم التي كانت تروج قبل على عهد أسلافنا رحمهم الله هى المثقال، وبهذا العدد الذى هو عشرة منه في المثقال تكون جميع المعاملات والمخلطات في البيع والابتياع وغيرهما بين جميع رعيتنا السعيدة في كل البوادى والحواضر.