للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفسه، ووالله حتى أفعل فقال الشيخ: اذهب وافعل ما شئت فإن الله قادر على أن لا تفعل، ولن تستطيع ولو أردت بعناية الله سبحانه. قال فلما كان من الغد جاء أبو الرواين وهو في غاية الضعف ووجهه مصفر فقلنا له: مالك هكذا؟ فقال شاهدت العجب البارحة، فقلنا له: وما ذاك؟ قال: ذهبت إلى امرأة عربية وتكلمت معها أن تبيت عندى لما سبق من يمينى بالأمس فأتت. فما كان إلا أن وصلتها (١) وهممت بمواقعتها، فإذا أنا كالمفلوج لا أستطيع تحريك عضو من أعضائى فبقيت مستلقيا على ظهرى كالميت لا أقدر على نطق ولا حركة، حتى طلع الفجر فسمعت صوت الشيخ وهو يقول: أتتوب إلى الله يا أبا الرواين؟ فقلت: بصوت خفى: أنا تائب لله، فقال: قم إلى صلاة الصبح، فنهضت فإذا أنا قائم كأنما نشطت من عقال، فلما دخلت على الشيخ قال: يا أبا الرواين ما فعلت؟ فقلت: يا سيدى من يكون في رعاية مثلك لا يخشى على نفسه غواية، فقال: الحمد لله على تأييده ورحمته. ثم قال لنا أبو الرواين: من لم يوكل على نفسه مثل هذا الشيخ فهو في غرر، فقضينا من الأمر العجب وسمعت الشيخ بصرى يقول: ثلاثة مشايخ لم يكن لهم نظير بالمغرب: السيد ابن عيسى، والسيد أبو محمد الغزوانى، والسيد أبو محمد الهبطى (٢).

قال: وكثيرا ما ينتسب إلى الشيخ ابن عيسى أقوام يهتكون أسرار الشريعة، ويحلون المحرمات ويظهرون أفعالا لا تشبه خرق العادات، ويدعون أن ذلك مما خصهم به من البركات، وحاشاه من ذلك إنما هم زنادقة أو مبتدعة، وكثير منهم يمر بالأسواق يخطفون الصابون وغيره، فيأكله ولا يرى تضررا بذلك، ويدخلون بيوت النار ولا يتضررون، ويشيرون بالهتك والبعج وغير ذلك.


(١) في المطبوع: "وصلت إلى" والمثبت من دوحة الناشر التي ينقل عنها المصنف.
(٢) الخبر بطوله في دوحة الناشر ٢/ ٨٤٨ من الموسوعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>