لخصال الإسلام صار ضروريا في الدين بمنزلة الزنى والسرقة وشرب الخمر. وكتب الإسلام، ودواوينه الفخام، أتت من بيان ذلك على غاية ما يرام، حتى اشترك في معرفته الخاص والعام، وساوى العلماء في معرفة حرمته وقبحه الغوغاء والعوام، ومثل ذلك يستغنى عن تكرار التنبيه عليه في كل مقام، ولا سيما عند مشاهدة امتلاء الوجود بالشح المطاع والهوى المتبع، وإعجاب كل ذى رأى برأيه فإن هذا إذا وقع ولسنا نشك في وقوعه منذ زمن طويل، قد رخص لنا الشارع عنده أن يكون كل واحد منا مقتصرا على النظر في صلاح خويصة نفسه كما جاء به الحديث الشريف، ولذلك طالما حض الراسخون من متأخرى علمائنا على ترك التعرض للإنكار في العموم.
ثانيهما: أنا لا نسلم سكوتهم وكيف يصح أن يضاف السكوت لهم عن ذلك جملة وهم في كل زمن وفى كل بلاد عاكفون على دروس دواوين الإسلام وإيضاح ما فيها من خاص أو عام في مجالسهم العمومية، وفى خطب مواسمهم وأعيادهم، فيقرعون بإيضاح ما فيها آذان العموم، ومن جملة ما فيها بيان كل محرم مذموم، وكل فعل صاحبه ملوم، ومنه مناولة الدم المسفوح، وتعريض النفس للتهلكة، وتضييع الصلوات، وتحريم التلبيس والغش والخديعة وغير ذلك مما استوعبته الشريعة.
فالذام لأهل العلم العلم الحقيقى بإضافة مثل ذلك السكوت إليهم هو المذموم، أوقعه في ذلك شدة غباوته وجهالته وفساد تصوره وذهوله عما يقرع آذانه في كل جمعة وعيد وموسم، وعما يلقى إلى العموم دائما في الدروس الدينية ولكن.