فالبدر ليس يلوح ساطع نوره ... والشمس باهرة السنا في الحال
فإذا توارت بالحجاب فعند ذا ... يبدو بدو تعزز وجمال
فقبل السلطان ذلك وتحقق براءته، وكان ينفعل للشعر ويتأثر بأريحية الأدب، استخلفه والده بفاس مدة.
وفى سنة أربع عشرة ومائة وألف بعث سيدنا الجد الأكبر السلطان الأعظم مولانا إسماعيل ولده المولى الشريف واليا على درعة فثار المترجم ببلاد السوس ودعا لنفسه وزحف لمراكش فحاصرها في رمضان من السنة المذكورة، وفى العشرين من شوال اقتحهما عنوة.
ولما اتصل خبره بأبيه بعث ولده سيدنا الجد المولى زيدان في العساكر لقتاله، فقدم مراكش ودخلها في أمن واطمئنان، وذلك سادس عشر ذى الحجة عام خمسة عشر ومائة وألف، فوجد المترجم قد بارحها وعاد إلى تازودانت فدخلها غرة المحرم عام ستة عشر على ما صححه في الدر المنتخب المستحسن، وجمع عليه العرب والبربر، وعظم أمره واشتدت شوكته، ولما احتل مولانا الجد مراكش عاثت عساكره فيها، ثم تبع أخاه محمد إلى السوس فنزل على تارودانت، وكان بطلا شهما مقداما، وشبت الحرب بينهما ودامت ثلاثة أعوام على ما قاله بعضهم.
والذى في الدار المنتخب أن مدة الحصار ستة أشهر وستة عشر يومًا من غير اعتبار يوم الدخول، لأنه كان غلسا قبل الإسفار، وقيل مدة الحصار سبعة أشهر وثلاثة عشر يوما، وقيل غير ذلك والله أعلم.
وأول يوم التقى فيه الجمعان وشب القتال رابع عشر جمادى الأولى عام سبعة عشر ومائة وألف، وكان نزول مولانا الجد زيدان على تارودانت وحصاره إياها لثلاث خلون من رجب أحد شهور العام المذكور، وكان فتحه إياها تاسع