عشر المحرم عام ثمانية عشر، وقيل في سادس عشر صفر وقيل خامس عشر الشهر المذكور.
ولما علم المولى محمد بدخول البلد خرج فارا لناحية الجبل، فاقتفى أثره في الحين وأتى به لأخيه زيدان، فلما وقع بصره عليه حن له وقام إليه وعانقه وبكى وهون عليه الأمر، وقال له: لا ترى إن شاء الله إلا الخير، ثم سلمه لمن يذهب به لأبيه، ووكل بحفظه من وثق به وأوصى بصيانته ورعايته والإحسان إليه والبرور به، وكتب كتابا لوالده يخبره بيوم خروجه من تارودانت قاصدا حضرته المكناسية.
ولما بلغ الخبر مولانا إسماعيل وذلك في الحادى والعشرين من صفر عام ستة عشر ومائة وألف، خرج بجيوشه ونزل على وادي بهت لينظر في أمره، ولم يخرج معه أحد من الوزراء والكتاب لاستعجاله الخروج، ووصل لوادي بهت يوم الثلاثاء ثالث ربيع النبوى عام ثمانية عشر، فخيم به وشاور بعض من كان في معيته من العلماء ممن كان يبغض باطنًا صاحب الترجمة فأغراه وأظهر له المصلحة في إقامة الحد عليه، وتلا {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ... (٣٣)} [سورة المائدة: آية ٣٣] فصدر الأمر بذلك، وعلل بعضهم ذلك بأن السلطان كان اشتد به الجوع حيث إن خروجه كان على غير أهبة ظانا أنه يلقى المترجم على مقربة من البلد، فطال به السير إلى وادي بهت فكان ذلك مما زاد في غضبه. انتهى.
ومن الغد وهو رابع ربيع الأول وصل الولى محمد مقبوضا عليه مقيدًا إلى وادي بهت، فبعث السلطان من قطع يده ورجله من خلاف.
والذى في كناشة اليحمدى أن المولى إسماعيل كان خروجه لوادي بهت في الثالث من ربيع الأول. وفى هذه القضية قال بعض الأدباء: