ويوم (وى) من صفر سنة (حى) ... رودانة لم يبق فيها العشر حى
ودخلت بالسيف يوم الجمعة ... ولم يفد صاحبها ما جمعه
ويوم رابع ربيع الأول ... جئ بنجل الملك المفضل
أعنى محمدًا مكبلًا على ... بغلته بوادي بهت أنزلا
وقطعت يمناه من خلاف ... ورجله بسبب الخلاف
وفى إقامة هذا السلطان الجليل المقدار الحد الشرعى على فلذة كبده وعضده وساعده دلالة واضحة في وقوفه لدى حد ما حده الشرع الأقداس، لا يراعى في ذلك قاصيا ولا دانيا، شأن أهل العدل والإنصاف، وبعد أن وقع ما كان في الكتاب مسطورًا أمر السلطان بحمل المترجم لمكناسة وملازمة الأطباء له فعالجوه بما قدروا عليه، مع قطعهم بأنه لا ينفع فيه دواء، لأنه اعتراه إسهال كبدى لانصراف مادة الأعضاء المقطوعة إليه، ولم يجزع المترجم لما أصابه بل كان في غاية الثبات والرضا والتسليم.
أما والده فقد عظم حجابه، وقل طلابه، وأظهر ما كان أخفاه في باطنه من الحزن على قتل ولده، وأساء السيرة مع الذى أشار بذلك من قريه وبعيده، وصار يطلب ما يسليه، ويطالع كتب التاريخ والأمور التي تزيل ما في ضميره من الغم الذى فيه، وكتب ظهيرًا لبعض أهل مكناس نص المراد منه بعد الحمدلة والصلاة:
"كتابنا هذا أسماه الله وأعز أمره، وأطلع في سماء المعالى شمسه وبدره، بيد حامله المتمسك بالله ثم به الأمين الحسن بن محمد بوستى المتطبب والحجام، حرفة يتعرف بحول الله وقوته أننا وقرناه واحترمناه لثقتنا به وله علينا جميل في احترامه لولدنا مولاى محمد رحمه الله حين أمرناه بقطع يده، فتنصل من ذلك وأبى إباية شهدت بديانته واحترامه الأشراف من آل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك جعلناه داره حرما لمن يجئ إليه. هـ بتاريخ سادس عشر ربيع الأول شهر الموت كما بالدر المنتخب المستحسن.