الأنضر وأرفع من يرى من أشراف الأوان وينظر، نجل الخليفة الإمام، وابن السلطان الهمام، مولاى محمد بن مولاى إسماعيل خلد الله تعالى مجد الأصل والفرع، ونصب على كل سرادق عز الأمر والمنع، فقد تعاطينا معه علوما سبعة وهى البديع والبيان والمعانى وأصول الفروع وأصول الدين وقواعد التصوف وعلم المنطق، والجمع عن بلوغ ما فيه ينطق.
أما الثلاث الأول فقرأنا المشتمل عليها وناهيك به وهو تلخيص المفتاح، وأما الأصلان والتصوف فقرأنا عليها كتاب السبكى الذى جمع من ذلك ما كلت عن الإحاطة به المطولات والشراح، وأما المنطق فقرأنا فيه كتاب الشيخ السنوسى وكفى به شرفا فلجريانه في كتب المنطق مجرى الياقوتة المفردة في عقود الملاح، قرأنا تلك الكتب من أولها إلى آخرها حرفا حرفا، قراءة تحقيق المسائل وتدقيق المعانى صنفا صنفا.
فوجدناه أدام الله توفيقه في إدراكها بديع زمانها وفى دراستها والقيام بقياساتها وأدلتها حنيفى رأيها في أوانها، ما عدم تثبتا في مداركها، ولا تتبعا لنهاية حقائقها في مسالكها، بل وسعها بفضل الله تعالى علما، وأحاط بها مدى الدهر فهما، فانشالت به من غير تربص فتلقتها بالوسع بصيرته، وانقاد له صعبها فأخذت بقلادتها سريرته، ثم إن من تواضعه الذى له شيمة في الأصل، وتهممه بمعالى الأمور الذى هو له طبع واستحق به كمال الوصل، أن إشار إلى بالإجازة في تلك العلوم وفى غيرها قضاء بحق الإنصاف، وكان الحق أن يجيز لا أن يجاز، لولا ما فيه من مكارم الأخلاق وشيم الأشراف.
فلم أجد بدا من الامتثال، ولا سبيل فيما أشار إليه من الإهمال، لما ألبسنى هذا التاج، وطوقنى ما لست أهله لما في من الاعوجاج، وبضاعتي من العلم مزجاة، ولكن لابد من إجابة الطالب لما يترجاه، لا سيما إن كان من أهل الفضل