"الحمد لله الجواب: قد ورد تقييد من الجناب العالى أدام الله أيامه، ونصر أعلامه، وسد بهيبته يأجوج الفتن، وأبقاه لإظهار واضح الهدى والسنن، يتضمن ذلك التقييد التقبيح لما صدر من أمر الصلاة الموصى بها واستعظام أمر ذلك: إذ كان بغير إذن من الجناب العالى نصره الله، وأنه في عداد الافتيات، وأقول معتذرا عن نفسى ومجيبا عنها بتقرير ما كان وحكاية ما صدر أن ذلك، لم يكن من غير إذن، وإنما كان بإذن جاءنا من قبل الدار العلية بلغ مبلغ الشهرة وخرج من طريق الشك، وكان أمرا مقررا، وحديثا شائعا مكررا، ثم مع هذا لم أذهب لمحل إلا بقائد يقودنى ومترجم ينسب الأمر إلى الجناب العالى ولم أفعل فعلا صلاة أو غيرها إلا مدفوعا إليها ومجذوبا نحوها وكالمجبور عليها، وإذا كان كذلك فلا لوم من جهة عدم الإذن لأن من تلقى ذلك وسمعه وجاءه الأمر به وكان حاله على ما وصف لا يسمى مفتاتا ولا منزلا منزلته، هذا لو فرض أن لا إذن من الجناب العالي بالكلية.
فالواجب في حقنا والمناسب لحالنا ولسائر رعية مولانا نصره الله، هو القيام بذلك والسعى والمبالغة فيه إجلالا وإعظاما لجناب مولانا نصره الله، وإذا كان المقصود تعظيم جنابه فلا ينصت إلا لما هو من قبيلة، وسالكا على سبيله، لأن ما هو من قبيل الإجلال والتعظيم واجب أن يعامل به ولا يعذر مثلنا في عدم القيام به، وقد قال مولانا علي كرم الله وجهه لما كتب في قضية صلح الحديبية: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله أهل مكة، فقال المشركون لو علمنا أنك رسول الله ما صددناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله إنى لرسول الله وابن عبد الله، امح يا علي رسول الله، فقال سيدنا علي: والله لا أمحو رسول الله أبدا تعظيما لجانب النبي وترجيحًا لإجلاله وإعظامه على امتثال أمره، لأن المقام تعارض فيه وجوب امتثال أمره بالمحو ووجوب الإجلال والتعظيم لمقامه، فرجح جانب التعظيم والإجلال، على جانب امتثال الأمر.