للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلد، فقد أضعت حقها، ويبقى الاحتمال في أن يكون هناك من هو فوقها، وإن قلت مدينة واقتصرت، فلا منعت دخول غيرها ولا حصرت، وإن قلت إقليم فقد يشتمل على عمران وخراب، وبحران وسراب، والحق أعلى، وتأدية الحقوق من أخبارها أولى، وما رأيت ما يؤدى وصفها ومعناها، وما اشتمل عليه أقصاها وأدناها، فهي محشر الأمم ومحط الرحال وبحر العمران وغاية القصاد، والمورد العذب للوراد، لا يوقف في وصفها على حد، ولا يتناهى في مآثرها ومحاسنها على عد، فلها المساجد التي بهرت، وبالتدريس وطلاب العلم ازدهرت، إلى أن قال: إلا أن بردها عاصف، وقرها لا يصفه واصف، لا يرده دثار، ولا موقد نار، فهي إناء للثلج المنصوب، فتنبو عن المضاجع من قرها الجنوب.

وقوله من فصول استدعاء لبعض أصدقائه: وإنا لننتظر قدومك علينا قبيل الشمس شروقا، والإبريق يصطك فؤاده لسقياك حفوقا، حتى نقضى من منادمتك حقوقا، والساقى مشمر عن ساق، والإبريق متأهب بما يليق لأن يراق، والكاس، بحلى عسجدية كاس، والكل للقياك متأَهب. وبطاعتك متقرب.

وقوله مجيبا لبعض الخاصة من أصدقائه: أبقاك الله لطرفة تحليها، وبنات أفكار بدر نثارك تحليها، ونادرة تردفها بأخرى تليها، تلك رياض تفتحت عن أزهارها أكمام، ولات حين للأزهار إلمام، هذه يقظة أو منام، عهدى بالرياض لم ينتج الآن لشمام، أو ذاك مسك فض عنه ختام، تحيرت في ذلك أظنه سحرا أجل نفث به حبر وإن شيئت بحر فخد أمام، إمام تجلت بطلعته الأيام، وتجمعت له شوارد العلوم فتسنى له بعد تفرقها التئام والتمام.

أما الأدب فهو بعض بعض فنونه، ورشوحه من معين انهمار عيونه، أما تراه قدوة للأنام، حل من درى المعقول والمنقول حيث لا محل للمحلى، وأربى فيما أبدع من البدائع على بدائع الحلى، أليس معدودا في إحراز السبق في مرتبة لو

<<  <  ج: ص:  >  >>