أمير المؤمنين، وأختم بالدعاء والرحمة، لمن نزه أبصارنا وشنف أسماعنا بمطالعة هذا التأليف الحافل الباهر، والبحر المتلاطم الأمواج الزاخر، الجامع لخبر الأوائل والأواخر، وأطلع في ذلك شمس هذه الدولة العلوية الإسماعيلية التي كانت في حيز الإهمال. ولم يتعرض لذكرها أحد من أدباء وقتها بنقص ولا كمال، ولا تفصيل ولا إجمال، وفي غابها الأسد الهصور، والنمر المقدام الجسور، والهيكل الأكبر، والقمر المنير الأزهر، العادل بن الكامل بن الفاضل بن الجليل، سليمان ومحمد وعبد الله وإسماعيل. وكيف لا وفيها ثالث العمرين. ومشيد معالم الدين، بهجة الزمان، وآية الرحمن، أمير المؤمنين مولانا سليمان، فكيف لا يفتخر على الأدباء من ألفه، وكيف لا يعلو على الرؤساء من صنفه، وخلد آثاره في وجنات الدهور وشما، ومكارمه في المشارق والمغارب وسما، فحقه أن يكتب منه نسخا ويشهر، ولا يقتنى ويدخر، لاشتماله على فضائل هذا السلطان الجليل، الماجد الأصيل، وجمعه لخبر الأولين والآخرين، في الجاهلية والإِسلام والفرق الضالة الملحدين، خذ ما شئت من آيات قرآنية تنزيلية، صحابية، وقصص معلومة تابعية، ومواعظ صوفية، وحكم لقمانية، وحكمة أفلاطونية، وسياسة عدلية، وقوانين أزلية، ورسائل سجاعية، وأشعار أدبية، وحكايات أنسية، وقواعد هندسية، وضوابط فلسفية، ونوادر ومداعبات سرجية، وتقاويم فلكية، ومساحة طولية وعرضية، وصورة أرضية، مكورة وبسيطة، ونصوص قطعية سنية، في الرد على أهل البدع من الخوارج والروافض والمعتزلة.
وشبهت هذا التاريخ. بالنخلة ذات الشماريخ، تعلو على رءوس الأشجار كالتاج، وتضئ ثمارها كالسراج، ينفتح طلعها في بياض الأكمام، وحبه كالدر المنظوم في أجياد الحور المقصورات في الخيام، ثم يرجع كالياقوت الأحمر، ثم يكون فاقعا أصفر، فإن نضج عاد العسل منه يقطر، فإذا اسود ويبس يكون تمر.