وإذا السعادة أحرستك عيونها ... نم فالمخاوف كلهن أمان
واصطد بها العنقاء فهى حبالة ... واقتد بها الجوزاء فهى عنان
ولما خيمت الجموع بالعدوة الأخرى، ورأوا السلامة غنيمة وذخرا، وعاين الناس ما تعودوه مع أمير المؤمنين من النجاة والصعود، والفوز المشهور المشهود، والتيسير المعلوم المعهود، هنأ بالسلامة بعضهم بعضًا، وجعلوا ذلك بينهم سنة وفرضًا، فلا تلقى غير حامد وشاكر، ومقر بنعم الله ذاكر، واتسع لديهم المجال، في الروية والارتجال، فمن ناظم وناثر، ومقصر ومكاثر. ومن قائل:
أرى نهر العبيد غدا عنيدا ... يعاملنا بجور واشتطاط
عبرناه على خطر وخوف ... على غير اختيار واحتياط
وذلَّله الإله لنا فسرنا ... من الريح المسخر في بساط
يهنئ بالعبور البعض بعضا ... كأنا قد عبرنا على الصراط
ومن متمثل في عبور الوادى. على المعادى:
لئن كنا ركبناها ضلالا ... فيا لله إنا تائبونا
فأخرجنا عن المرغوب منها ... فإن عدنا فإنا ظالمونا
ومن منشد، وإلى لطف الله مرشد:
عبرت نهر العبيد قهرا ... على بساط من الهواء
ولما حمد الناس الإيراد والإصدار، واستقرت بهم بعد العبور الدار، وشكروا على فضل الله إمامهم، وجعلوا القبيلة التادلية أمامهم، وذكروا معاهد البلد ورجالها، وأطالت الألسن في ذلك مجالها، وأوضحوا بذكر كراماتهم غرر السيادة وأحجالها، فقام زعيمهم، فقال: يا قوم إن الشعر ديوان العرب، ووسيلة لقضاء