وفي عاشر ربيع الثاني من عام ثلاثة وخمسين ومائة وألف اجتمع على جيش السلطان عبد الله الذي كان بآكدير شيعة المترجم من قبائل أحوار مراكش كالرحامنة ودكالة وزمران ومسفيوة ووقع بين الفريقين حرب شديد كانت الهزيمة فيه أولًا على أتباع المترجم، ثم رجعت الكرة على الجيوش التي بآكادير لاشتغالهم بالسلب والنهب ولم يأخذوا بالأحوط والحزم، فأَتاهم من خلفهم خليفة المترجم صنوه المولى بناصر واستولى على جميع ذخائرهم وأمتعتهم حتَّى الأخبية، ثم وقعت ملحمة أخرى بين الفريقين المذكورين في التاسع والعشرين من جمادى الأولى كانت الهزيمة فيها على المترجم وأتباعه ففر إلى القصبة التي كان بناها بمسفيوة.
وفي أوائل محرم عام خمسة وخمسين دخل المترجم مكناسة عاصمة ملك أَبيه، وأتت الوفود لتهنئته وتقديم الطاعة إليه.
وفي أواخر المحرم أرسل الباشا أَحْمد الريفى لأهل فاس يطلب منهم تجديد البيعة للمترجم فلم يجيبوه لذلك، فاغتاظ وأضمر لهم سوءًا، وخرج المستضئ لمضايقة فاس إلى أن يرضخوا لطاعته ونزل بظاهر فاس يوم الثلاثاء رابع عشرى ربيع الأول وصار يشن الغارة على البلاد.
وفي خامس عشرى الشهر وقع القتال بين العبيد أتباع المترجم ومن انضم إليهم، وبين أهل فاس وأشياعهم، وكان الحرب سجالا، ثم وافى السلطان عبد الله جيش جرار من البرابر، ولما رأى المترجم أنَّه لا قبل له بهم فر ليلًا وحمل أمتعته وترك الأخبية مضروبة فارغة ليس بها ما يطلق عليه اسم شيء غير رجل أنهكه المرض، ولما أصبح الصباح زحفت إليهم الجنود البربرية فأخبرهم ذلك السقيم المخلف بحقيقة الواقع، وسار المترجم على بلاد شراكة والحياينة فنهبوا