للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بفاس يعتذر له عما صدر منه ويطلب منه محلا يستقر به فأجابه بقوله: إنك لم تأت إلى ذنبا ولم ترتكب في حقى عيبا، إنما كنت تطلب ملك أبيك كما كنتَ أَطلب ملك أبي، والآن فإن أَنْتَ أردت الخمول مثلى فأقم بآصيلا واسكن بها، فإنها أحسن من دار دبيبغ التي أَنَا بِها، وأَرح نفسك كما أرحتها، وإن كنت إنما تطلب الملك فشأنك وإياه فإنِّي لا أنازعك فيه والسلام.

فلما وصل إليه هذا الكتاب من صنوه السلطان المذكور انتقل لآصيلا واستوطنها، واعتنى بها وأصلح منها ما يحتاج إلى الإصلاح كما أَصلح دار الخضر غيلان التي بقصبتها وسكنها سنة أربع وستين ومائة وألف.

ثم اتصل به بعض الأشرار من قرناء السوء الذين يستفزهم الطمع فدلوه على التكسب بالبيع والشراء في الزرع بجلبه من الداخلية ووسقه للبلاد الأجنبية فَارْتأى برأيه وتصدى للاتجار في ذلك، حتَّى تضرر النَّاس ورفعوا شكاياتهم للسلطان، فصار يقرع من الندم على إذنه له في السكنى بالثغر المذكور، وأصدر أوامره إلى القائد أبي محمَّد عبد الله السفيانى بالزحف إلى المترجم وإرغامه على الخروج من آصيلا، وكتب لولده خليفته بمراكش أبي عبد الله محمَّد أن يبعث إليه من يعززه في إجلاء المترجم عن الثغر، فبعث سيدي محمَّد رفيقه ابن عمه أَبا العلاء إدريس ابن المنتصر في مائة فارس وأمره باللحوق بالقائد المذكور طبق إشارة والده، فسار أبو العلاء إلى أن لحق بالسفيانى ونزلا على آصيلا وأرغما صاحب الترجمة على إخلائها, ولم يقبلوا منه عذرًا في التأخير، فلم يسعه غير الخروج منها.

ثم استولى أبو العلاء على جميع أمتعته وأمواله وذخائره الحربية وغيرها، وتوجه بجميع ذلك لعمه السلطان أبي محمَّد عبد الله، وسار المترجم إلى أن نزل بضريح الشيخ أبي بكر بن العربي من فاس، ووجه ولده للسلطان يشكو بما فعل به خليفته ولده سيدي محمَّد فكان من جواب السلطان له قل لأبيك: لا سبيل لي عليه هو أعظم شوكة مني ومنك، فسر إلى بلاد أبيك وجدك وأرح نفسك من

<<  <  ج: ص:  >  >>