للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما وصلوا لحضرته وأعلم بورود عبد النَّبي نهض وخرج إليهم راجلاً، وقبض على لحية المولى الطَّيِّب وهزه منها وقال له: أخى فارقنى فما أدخلك بين عبيدى ورعيتى .. فقال له: أريد من الله ومنك أن تعتقهما، فقال له: إن أعتقتهما فلست بولد لإسماعيل بن الشريف، والأشراف والصبيان واقفون وبيدهم غطاء جدهم المولى عبد الله الشريف، وغطاء المولى التهامى.

والتفت لعبد النَّبي وصار يخطب عليه ويعدد مساويه، وكان من جملة ما خاطبه به: إننى ما نسيت ولا أنسى ما شافهتنى به على رءوس العبيد: والله إن قبضتك يا عبد الله بوسبيبط الصَّغير (١) ربيب الدغمى، حتَّى أرمى على رجلك كبلا (قيدا) من عشرين رطلاً، وألقيك في الدهليس إلى أن تموت فيه، وتكررها مراراً .. وتذكر اليوم الذي قبضت فيه لجام فرسى ودككته إلى ورا، إلى أن سقطت من فرسى على الأرض وقلت لي: اذهب من هنا، إنما أنت طفل صغير، فطلعت إلى ربوة وبكيت حتَّى كاد أن يعود الدمع دماً، ومن أجلك أنفنت بيت المال كان إذا أتى إلى صاحبك بكتابك أو كلامك لم يكن لي بد من إعطائه قنطاراً سخرة له اتقاء لشرك، ثم قال لمن حوله اقبضوا الظالم عدو الله فصاروا يجرونه وقد كان قابضاً بيد المولى الطَّيِّب، فقطعوا يده وأخذوه، وكذلك فعلوا بصاحبه قدور السهلى، ذكره الضعيف.

وفى عام ستة وأربعين، عقد للباشا قاسم بن ريسون على جيش من العبيد منتظم من خمسة عشر ألف فارس، وللقائد عبد الملك بوشفرة الأودى على ثلاثة آلاف فارس من إخوانه الودايا، ووجه بالجميع لجبل آيت ومالوا، ولما عبرت تلك الجنود، وادام الرَّبيع على مجاز البروج، خيمت بآدخسان، ولما رأى أولئك البرابر العتاة ما لا قبل لهم بمقاومته، فروا للجبال فاقتفى الجند أثرهم إلى أن توغلوا في


(١) في هامش المطبوع: "كان المترجم كذلك رقيق القدمين حذاءهما كأحذية الأطفال كما تقدم في وصفه".

<<  <  ج: ص:  >  >>