للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موتاهم بالدور والمساجد، وكان الفتان المذكور يحث أهل سوس على غزو أهل آكدير ويقول: إن ثلثهم نصارى، وثلثهم يهود، وثلثهم عصاة حصب جهنم.

فأجابه لذلك خلق كثير من أهل سوس، والحال أنهم لم يروا البحر قط، ولما نزلوا بساحته أخذوا يشربون ماء البحر ويلثون به سويقهم، فهلك منهم عدد عديد، ثم عاد الثائر لتارودانت مصمما على الإيقاع بهوارة، ولما شعروا بمراده اتخذوا سائر الاحتياطات اللازمة وأجمعوا أمرهم على اغتياله، فأوعز إليه بذلك بعض المعتقدين له، فأشاع أنَّه يريد زيارة أبي حفص عمر وهارون برأس الوادى، فتبعته هوارة إلى أن لحقوا به بثلاثاء تماصت بزاوية السيد عياد، وأخذوا يلعبون بالبارود مع أصحابه مظهرين الفرح به والطاعة له، فلم يأمن فيهم، ونجا بنفسه فاقتفوا أثره إلى أن لحقوا به بصهريج آيت أيوب في تنزرت، وأطلقوا عليه أفواه مكاحلهم بالرصاص ففر ودخل دار الشَّيخ أحمد ويدير، ومات بداره ونهب آيت يش ماله.

قاله الضعيف: وقد وقع لصاحب الدر المنتخب في سوق هذه الحادثة تخليط واشتبه عليه أمرها واشتبك وارتبك، وبموت هذا الفتان الأفاك اطمأنت نفوس أهل تلك البلاد، وأمنت سبلهم، وكان الذي قتله هو ابن همان وماين الهواريان ويعيش الزكنى المنبهى.

ثم وفد المترجم على تارودانت واستولى عليها وعلى أحوازها، وبويع له بتلك الأصقاع، ووقعت بينه وبين هوارة معارك عظيمة انجلت بانهزامهم وفشلهم كل الفشل، ثم نهض من تارودانت وخيم ببلاد السراغنة وأوقع بهم وقعة شنيعة، وحكم السيف في أربعمائة رجل من عوامهم، ومائة من طلبتهم، حيث إنه وجدهم هدموا مسجد القصبة وصيروه بلاقع، وكان ذلك كما قال الضعيف سنة ١١٤٨ ثمان وأربعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>