"وفى مدة هذه الإقامة وأثنائها توفى أمين الأمناء ورئيسهم القاعدة العظمى الذى عليه المدار في معظم الأمور، وإليه مرجع مهمات تدبير خراج الملك، وعن أمره في جميعها الإيراد والصدور، الأمين السيد محمد التازى المُوخَى، يُعرَف. توفى في غرة رمضان من تلك السنة وكان لتشييعه ورمسه ودفنه مشهد عظيم، وجمع حفيل جسيم؛ ودفن بالزاوية الصقلية من فاس.
وفى يوم دفنه دخل لحضرة فاس أخوه الأمين الأنصح، الكيس الأفلح، ذو التدبير الحسن والرأى الأنجح؛ والخلق الأفسح؛ السيد عبد السلام التازى فأقيم مقامه؛ ورفع السلطان مقامه، لما علم من خلوص تلك الشنشنة الأخزمية، وخالص صفاء تلك السريرة، وكونهما فرسى رهان في حسن السيرة، فكل منهما في جانب ما أسند إليه وغيره من مهمات أمور الملك على غاية ما ينبغى من النصيحة، من حسن التدبير وصالح السياسة والآراء الصحيحة، على ما بلغنا من طريق التواتر مع متانة الدين، وصلاح القصد والاقتصاد المتين، إلا أن الذى بلغنا أن الأمين السيد عبد السلام أوسع صدرًا أو أكثر صبرًا، من أخيه وفاقه في سعة الخلق وحسن الخليقة، وأكثر منه تحملا وألين طبيعة وعريكة، هذا على ما نقل إلينا بالتواتر الذى هو أعلى مراتب الشهادة، وإلا فالعبيد صاحب هذا التقييد ما رآهما قط ولا رأياه، ولا عرفهما ولا عرفاه؛ إلا بالسماع نعم:
فالناس أكيس من أن يحمدوا رجلا ... من غير أن يجد آثار إحسان".
هـ بلفظه مع ما عرف غنه من المعارضة وعدم المبالاة بالولاة وذوى النفوذ بل وذمه لوزراء عصره غير المسفيوى وموسى.
ومن الثانى المشرفى في الحلل البهية، فإنه قال لما ذكر وفاة الوزير أحمد بن موسى والانقلاب الحادث بعدها: إن وزير المالية الحاج عبد السلام موخى التازى الرباطى لما رأى ما صار إليه الأمر بعد موت الوزير من ارتكاب المجون والموافق