فاس، ولما مثلوا بين يديه أغلظ عليهم في القول، ثم عفا وصفح وسرح مساجينهم، وولى عليهم عبد الله المذكور.
وفي العام نفسه ولى على أهل فاس عبد الله بن الأشقر، واشتغل بتجهيز العساكر لآيت ومالوا، لأخذ ثأر العبيد منهم، وخرج إليهم في محرم عام تسعة وأربعين، فلما أحسوا بمقدمه عليهم أظهر الفرار أمامه، فصار يتتبع آثارهم ويحل منازلهم إلى أن قطعوا وادى أم الربيع وتوغلوا في الجبال، فعند ذلك انقضوا على الجيوش السلطانية من الثنايا والشعاب وأحاطوا بها من مناحية، فولت تلك الجيوش الأدبار منهزمة، وتركوا الخيول والأثقال ولم يتعرضوا للمترجم في موكبه وخاصته إلى أن قطع وادى أم الربيع ورجعوا عنه، وسار إلى أن دخل مكناسة فطالبه العبيد بالكسوة والسلاح والمرتب ولم يكن لديه ما يعطيهم هـ.
قال الضعيف: وفي عشرى ذى الحجة الحرام منصرم العام خلع العبيد صاحب الترجمة، وتبعهم على ذلك أهل مكناسة وغيرهم، وبايعوا لصنوه أبي محمَّد عبد الله.
وفي البستان أن المترجم لما سمع بذلك هرب لفاس، وأراد الدخول لفاس الجديد، فمنعه الودايا فنزل بقنطرة سبو، ومن الغد توجه لتازا، ومنها للأحلاف فأكرموه وصاهروه وأقام عندهم بوطنهم عدة أعوام معرضا عن الولاية وأسبابها إلى أن رجع لمكناسة بأمر أخيه السلطان عبد الله فأعطاه مالًا ووجهه لمكناسة الزيتون، وأعطاه المكس وأجنة المخزن وأرضه، ثم إن العبيد قبضوا عليه ووجهوه لصنوه السلطان المذكور وقالوا: هذا أفسد علينا بلادنا فسرحه ووجهه لسجلماسة، ولم يزل بها إلى أن لقى ربه.