وانقطعت بركة الزروع؛ لأن سوء الأدب مع الله يفتح أبواب الشدائد، ويسد طريق الفوائد، والأدب مع الله ثلاثة: حفظ الحرمة بالاستسلام والاتباع، ورعاية السنة من غير إخلال ولا ابتداع، ومراعاتها في الضيق والاتساع، لا ما يفعله اليوم هؤلاء الفقراء، فكل ذلك كذب على الله وافتراء، قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقام إليه رجل فقال: يا رسول الله، كأنها موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ وقال: أوصنا. قال أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة لمن وليكم وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
وها نحن عباد الله أرشدناكم، وحذرناكم وأنذرناكم، فمن ذهب بعد لهذه المواسم أو أحدث بدعة في شريعة نبيه أبي القاسم، فقد سعى في هلاك نفسه، وجر الوبال عليه وعلى أبناء جنسه، وتله الشيطان للجبين، وخسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم" هـ.
قال الزيانى في رحلته بعد نقلها: فتأملوا ما أملاه أمير المؤمنين في هذه الخطبة التي لم يسمع مثلها فيما مضى من العصور، ولا ذكرها ملك ولا عالم مشهور، فهي سادسة خطب الخلفاء الأربعة وعمر بن عبد العزيز فمن تأملها علم علم يقين، أنها برزت من قلب خالص عارف بما أعد الله للمتقين هـ.
وقد نص العلماء على أن العاصى أحسن حالًا من المبتدع؛ لأن العاصى