عبد الله البغدادى، ذكر أنه كان على دين اليهودية، وأتى راغبا في الدخول في الإسلام ورافضا دين الكفر، فوجهته لنائب القاضى ثمة وعرض عليه أركان الإسلام فقبلها ونطق بالشهادتين كما بالموجب الذى وجهت، وأنك أنزلته عند خليفة الخديم أبا محمد حتى تؤمر بما يكون عليه العمل وصار بالبال، فقد كتبنا في شأنه لوصيفنا الحاج سعيد بن فرجى والسلام في ٣ ربيع الأول عام ١٣١١".
ولم يزل المترجم في سائر أطواره ملزما من والده بملازمة الدروس العلمية ولكن الصّبَا جُنون، وقديما قيل:
إن الشباب والفراغ والجدة ... مفسدة للمرء أى مفسدة
كيف وقد انضم لذلك نفوذ الكلمة، ومقابلة الأوامر بالسمع والطاعة، ومجالسة قرناء السوء، وفقد الزاجر والرادع، ثم لما بلغ السلطان المولى الحسن ما هو عليه من الانهماك في التصابى من غير احتشام ولا مبالاة قام وقعد، وأبرق وأرعد، وكتب له مكتوبا مسهبا سب فيه وجدع، ووبخ وهدد وقرع، فاتحته: ولد نفسه عمر، السلام على من اتبع الهدى، وخالف الشيطان والهوى، ومن فصوله: أما مرافقتك مولاى على سروالو فلو كنت ذا عقل وفهم لكفاك اشتقاق لقبه واعظا عز غيره، فلم نسمع عليه ممدوحة منذ شب إلى أن شاب، وأما ولد الساورى فشهرته تغنى عن وصفه، وأما خروجك كل يوم للمشينة ولأبى الجنود، فإن أخاك مولاى بلغيث معنا بالمحلة، لم ير خارج قبته، مع أن المحلة لا سور لها، ولم يحضرنى الآن المهم من فصول ذلك الكتاب المدهش تقريعاته وزواجره.
ثم لبى والده السلطان رحمه الله مولاه، واجتمعت كلمة أهل الحل والعقد على بيعة ولى عهده من بعده السلطان السابق مولاى عبد العزيز، ولما بلغ خبر ذلك لفاس، وضربت الطبول على أبواب القصور السلطانية، مزق المترجم طبول الطبالين، وطردهم وهم بالإيقاع بهم فارغا ذلك في قالب الأسف على والده