محيطا به وآخر أبعد منه من جهة باب الجيسة، وتجلدوا للمدافعة عن أنفسهم وعن أهل المسكنة من المؤمنين الذين لا يستطيعون دفعا ولا منعا العاجزين عن القتال وعن المنع أو القبول بالقول باللسان، متوجهين إلى الله في اللطف والنجاة وإخماد الفتن، متضرعين إلى الله لائذين بحمي الله وحمي رسوله وأوليائه، وظهر في ذلك لطف عظيم وأمور عظيمة وأهل المدينة يخرجون للجيش خارج السور لا يرضون بالاقتصار على السور، وكان جيش العبيد مع ما انضاف إليهم قدر مائة ألف.
ثم إن القبائل التي انهزمت بوادي لشول أعادوا الجمع لأجل مولاي عبد المالك والمدافعة عنه وكانوا يتنهزون الفرصه كيف يصلون إلى فاس من الجيش المحيط بها، واستقروا بموضع يقال له تيسة من أرض الحياينة، وكان العبيد ينهبون زرع الحياينة الذي بأَمْرَاسِهِم ويأتون به للمحلة فخرج العبيد لنهب الحياينة على العادة، فرصدهم القبائل المجتمعة بتيسة واقتتلوا مع العبيد، فهزموا العبيد وقطعوا رءوسهم ونهبوا لهم من الدواب ما يزيد على الستمائة.
ولما وصل الخبر للعبيد أرسلوا جيشا منهم ومن الأوداية ووقع القتال أيضا بتيسة فغلبهم جيش العبيد وهزمهم وتفرقت القبائل في الجهات. ولم تتبع العبيد إلَّا سفيان لكثرة حقدهم عليهم، حتى أدركوهم فأوقعوا بهم مقتلة عظيمة فهرب سفيان لحرم وزان ظنا منهم أن العبيد لا يتبعونهم للحرم، فتبعوهم ودخلوا عليهم داخل وزان، ونهبوا الأمتعة والديار، وكانت هذه الوقعة على الناس بوزان من أعظم الوقائع وذلك في الخامس والعشرين من صفر.
ورجع جيش العبيد (١) من وزان إلى فاس ودخلهم من العجب ما أطمعهم بالاستيلاء على فاس، وقد كان العبيد حين دخلوا لقتال القبائل صادفوا الفقيه