إنصاف المظلومين، وأبتهل إلى الله تعالى بالضراعة في إعانتي بتوفيقه، وهدايتي لنهج طريقه، وهو سبحانه يعلم -وإن كنت مسرفا على نفسي مقصرا في عملي- أني لا اضمر إهمال مظلوم ولا إعانة ظالم، وكفي بالله شهيدا, وقد قل أعوان الحق، وكاد أن نعدم منقبة الصدق، فلا رجل ولي عملا إلا ظلم وتجبر، ولا مؤتمن يركن إليه إلا خان وفجر، ولا جليس يستعان بنهاه إلا آثر دنياه، واتبع هواه، لكن بالله أستعين في جميع الأمور، وعليه سبحانه أَتوكل وإن لم أُوف بحق التوكل في الورود والصدور، ونسأله جل وعلا أن يلهمنا ما يقربنا منه، ولا يجعلنا من المبعدين عنه.
وأسألك أنت بمن كانت هذه المكاتبة ابتغاء وجهه الكريم إلا ما اجتهدت لي في الدعاء في غلس الأسحار، وأطراف النهار، أن يمكنني الله عَزَّ وَجَلَّ نفسي ويلهمني رشدي، ويجعلني من الناطقين بالحق، الفاصلين بالعدل، ويبلغني تعالى أملي في جهاد الكافرين، وينيلني قصدي في حج بيت الله الكريم، وزيارة قبره عليه أفضل الصلاة وأذكي التسليم، وأن يجعل ذريتي من عباده الصالحين ومن أهل القرآن العظيم وزوار قبر نبيه، وأن يختم لي ولهم بالحسنى، ويبلغنا في طاعته جميع المنى، بفضله وجوده.
وأنا قد انتفعت بكتابك، وأنتفع إن شاء الله بنصيحتك وأجد بركة موعظتك، التي أردت بها وجه الله العظيم علام الغيوب فلا تخلني بعد من إشارتك. ولا من صالح دعواتك، ولا توحشنا من أنس جوارك، ولا تفقدنا من صالح إيثارك. وإن كنت قد استغنيت عنا فإني لا أستغنى عن مشاورتك الصالحة، ومكاتبتك الرابحة. إن شاء الله تعالى وهو سبحانه وتعالى يجزيكم أفضل الجزاء ويهدينا إلى الطريقة المثلي والسلام عليكم ورحمة الله".
وذكر المترجم ابن الخطيب في نفاضة الجراب وابن الخطيب القسمطيني في رحلته ووصفه بأوصاف عالية منها: كثرة النفور من أصحاب الولاية في الأعمال