لحراسة قنصليتها طبق ما أشرنا إليه تنتظم تلك الفرقة من ستة وستين جنديا، فأخبر القنصل الذي كان تم عامل البلد إذ ذاك وهو بوبكر بن زيد السلاوى المذكور بنزول الفرقة المذكورة للصدد الذكور وحذره من التعرض لها بسوء وأعلمه أنها إذا مست بسوء، فإن البارجة الفرنسية لا بد من أن تضرب البلد فتكون العاقبة وخيمة.
فاستشار العامل المذكور في ذلك مولاى الأمين بن الأمير مولانا عبد الرحمن بن هشام الخليفة السلطانى في ذلك العين هنالك، فأجابه بأنه لا دخل له في صعود ولا هبوط، وإنما هو مكلف بحماية البلد من عيث فساد الشاوية، ثم جمع العامل المذكور بعض أعيان البلد وفاوضهم في الأمر فأشاروا عليه بغض الطرف عنهم تحرزا من وقوعه في ورطة المسئولية التي لا تحمد عقباها مع السلطان.
فاستحسن رأيهم الفاسد، ونظرهم الكليل الكاسد، فأمر أحد أعوانه المدعو البدوى بأن يأذن للمكلف بفتح باب مرسى الثغر قبل الوقت المعتاد لفتحه، والمكلف إذ ذاك المدعو محمَّد -فتحا- ابن القلوبى، فامتثل ما أمر به، ولما فتح الباب وجد الفارب الحامل لتك الفرقة على الشاطئ والعسكر شاكى السلاح فرام سد الباب في وجهه ثم التفت أحد البوابين الذين كانوا هناك قيل لم يعرف وقيل هو محمَّد الحيانى المسفيوى لمن حوله من حرس وقال قوموا اضربوا على أنفسكم وأولادكم يا كلاب، فإن النصارى جاءت لأخذ بلادكم فقام بعض من لا يبصر رشده من الحمقى وأطلق بندقة، في وجهه تلك الفرقة. ثم عزر فعلة المشئوم أحد المكلفين بحراسة الصقالة من رماة المدافع وهن محمَّد وشت -بفتح الواو وسكون الشين المعجمة والتاء المثناة- الحداد حرفة بكورة إذ كان العامل المذكور أوعز لهم ضرب تلك الدارعة، إذا هي ابتدأت الضرب.
فعند ذلك تراصت تلك الفرقة على صف واحد وأطلقت بنادقها على من