يغنى فيه عن البيان- من أن مدينة وليلى هى من جبل زرهون الموالى لمكناسة لا من نفس بلاد مكناسة، ولا يكون في ذلك أدنى متمسك على أن مكناس القديمة هى مدينة وليلى كما قد توهم لما بيناه، ولأن ذلك ليس بمعروف، وقد تضافرت (١) نصوصهم على أن مولانا إدريس الأكبر لما قدم المغرب الأقصى نزل بمدينة وليلى ولم يقل أحد منهم نزل بمدينة مكناس، ولا صرح أحد من متقدمى المؤرخين بنسبة مدينة وليلى إلى مكناسة، وعليه فما وقع لبعض المعاصرين من الأوربيين في مؤلف له وصف فيه مكناس من قوله جعلت مكناس قاعدة وقتية لمولاى إدريس في القرن التاسع قبل بناء فاس، هـ.
لعل مستنده فيه فهم كلام ابن غازى على غير وجهه، وقد بان لك وجه الحق فيه، وهذا والله أعلم هو الذى أوقع صاحبنا النحرير النقاد أبا عبد الله محمد بوجندار في الجزم بأن مدينة مكناس القديمة هى المدينة الأثرية التاريخية وهى مدينة وليلى في كلماته الذهبية.
وقول ابن غازى سميت باسم ملكها جزم بهذا هنا وتفصي عن بعد ذلك في قوله ويذكر أن وليلى إلخ.
وقد رأينا مؤرخى الأوربيين اليوم ينكرون وجود ملك مسمى، بذلك ويقولون: إنه اسم بربري يراد به في لسان البربر النبات المسمى بالدفلا، هذا أصله عندهم، ثم أطلقوه على المدينة ولعله لكونه كان كثيرًا بواديها وانظره مع ما جزم به البكرى في المسالك، مِنْ أنّ وليلى هى طنجة بالبربرية، نعم إن كان وليلى في لسان البربر يطلق على الأمرين النبات المذكور وطنجة فلا إشكال.
(١) في المطبوع: "وقد تظافرت" وتضافرو عليه -بالضاد المعجمة- تعاونوا وضافر كل منهم الآخر.