للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلها في الجبل وبطلت عمارتها ولم يبق بها إلا نحو خمس عشرة دارا يسكنها الفقهاء القائمون بخدمة الضريح الإدريسى المقصود المزوار من نواحى المغرب وفيها عينان من الماء جاريتان.

زاد شفير أن مدينة وليلى تسمى في وقته زاوية مولاى إدريس، اهـ.

وهذا التصريح منه يطابق بعض ما وصفها به ليون ومرمول ككونها في رأس جبل فإنها أعنى الزاوية الإدريسية كذلك بالنسبة لما نزل عنها وباعتبار حومتى تازجا وخيبر منها لا مطلقا، وكالعينين الجاريتين إن قلنا إن المراد بهما منبعان وسقايتان وإن لم يكن أصلهما داخل البلد فيكون المراد بهما عين خيبر وعين فَكْرة -بفتح الفاء وسكون الكاف بعدها راء مفتوحة ثم هاء ساكنة- فإن ماءهما هو الجارى داخلها، وأن جريان الثانى قاصر على ناحية مخصوصة بخلاف الأول فإن معظم انتفاع السكان به وكونها لم تكن متمدنة وقتئذ ولا آهلة بالسكان وإنما كان يسكنها خَدَمة الضريح، وهذا والله أعلم هو وجه اشتهارها باسم الزاوية، إذ لم تكن تستحق في القديم عنوانا سواه، ولعل كثرة سكانها ووقوع تمدنها، إنما تنافس الناس فيهما بعد أن شيد سيدنا الجد المولى إسماعيل الضريح الإدريسى فيها وتنافس الملوك حفدته للتذييل عليه في ذلك حسبما سيمر بك مفصلا، حتى صار من أعظم القصور والمشاهد، وانضم لذلك احترام الملوك للسكان رعيا لحرمة الجار، إلى أن صارت إحدى مدن المغرب كما هى عليه الآن، ومن ثم والله أعلم لم يذكرها مؤرخو الأزمنة السالفة في مدن المغرب كابن الخطيب في مقامات البلدان وكتاب معيار الاختيار، في ذكر المعاهد والديار، وفى ريحانة الكتاب، ونجعة المنتاب، التي نقل ابن غازى منها آخر روضه والمقَّرى في نفح الطيب وكذا الزيانى في رحلته فإنه تعرض لمدن المغرب ولم يذكر الزاوية فيها بهذا العنوان وإنما ذكر مدينة وليلى هذا مع تأخر زمنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>