للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون عمارتها نشأت تدريجا لأجل الاحترام المذكور صرح في الأزهار العاطرة وكذا صرح مويت الفرنسى الذى كان أسيرًا عند مولاى رشيد ومولاى إسماعيل في كتابه فتوحات مولاى رشيد ومولاى إسماعيل بأن زَرْهُون لم تكن فيه مدينة في ذلك الوقت ولم تكن به إلا المداشر، وكذا صرح بذلك ليون في رحلته، وكل ذلك يعضد أن ابن غازى لم يقصد بما قدمناه عنه الزاوية الإدريسية، وإنما قصد بمدينة ولِيلَى خصوص المعروف اليوم بقصر فرعون، وهو الذى شيدت فيه الدولة الحامية قصور السكان المكتشفين لآثاره القديمة كل يوم، وحينئذ يتحقق أن مسمى وليلى في كلام ابن غازى خاص بالمعروف اليوم بقصر فرعون، ولا يشمل الزاوية البتة، وإنما أهمل ذكرها مع ذكره لجبل زَرْهُون ولسوقه لكونها غير موجودة على الهيئة التي تستحق الذكر في تاريخه، ولأن كذلك مسمى ولِيلَى في كلام ليون ومرمول فإنه على ما ذيله به شفير، خاص بمسمى الزاوية الآن، ولا تعلق له بالمسمى بقصر فرعون البتة.

فإن قلت حيث كان الأمر هكذا فمن لازمه أن مخالفى ما جرت عليه طائفة ابن غازى يفرقون بين وَلِيلَى وقصر فرعون وحينئذ فما مسمى قصر فرعون عندهم هل هو المعروف بهذا العنوان الآن أو غيره؟ قلت قال ليون: قصر فرعون مدينة صغيرة قديمة بناها الرومان على رأس جبل قريب من ولِيلَى بنحو ثمانية أميال، قال وأهل جبل زَرْهُون يقولون باني قصر فرعون موسى ولم تظهر لى حجة ذلك ولم يوجد في التاريخ تقدم ملك لفرعون ولا للمصريين على المحل قال: وتوجد حروف لتينية منقوشة في بعض أحجاره تدل على أن الرومان هم الذين بنوه قال: ويوجد بالمدينة نهران متخالفان كل واحد يأتى من ناحية وأودية المدينة ورباها كلها مغطاة بأشجار الزيتون، وبقرب المدينة غابة يكثر فيها الأسد والنمر (١) هـ.

فعلق عليه شفير نقلا عن مرمول: يوجد من ناحية من رأس الجبل مدينة صغيرة على بعد اثنى عشر كيلو مترا من وليلى وأهلها ينسبونها لفرعون مصر، ولا يوجد في التاريخ أن فرعون والمصريين ملكوا إفريقية، ومشاهير المؤرخين إنما يسمونها قصر زَرْهُون وتقرأ إلى الآن كتابة قوطية في بعض سورها تدل على أنها


(١) وصف إفريقيا، ص ٢٩٦ - ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>