للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالرباط والرابطة إما حصن أهل العسة على وليلى، وهو الأظهر، وإما متعبد أهلها كصوامع الرهبان التي تكون دائما خارج مدنهم، وأيًّا ما كان فهى من أثارات وليلى، ومن جملة بناء أهلها الذى له تعلق خاص بها، فصحت إضافتها إليها.

وعليه فإن كان مراد من جعل الزاوية هى مدينة وليلى هذا المعنى الذى شرحناه فلا بحث معه إلا من جهة تخصيصه لوليلى بالمحل التبعى منها وإهماله للمحل الأولى الأصلى منها، واللائق العكس، ويمكن أن يجاب عن ذلك بجواب لطيف ظريف وهو أن الإهمال الذكرى تابع للإهمال الحسى، فحيث انعكس الحال وصار التبعى عامرًا والأصلى خرابًا استحق التبعى بعمارته واسترسالها حكم الأولية والأصالة، واستحق الأصلى بخرابه وانقطاع عمارته حكم التبعية والفرعية، والمنظور إليه غالبا هو المتبوع لا التابع، إلا أن قول ليون ولم يبق بها إلا اثنان أو ثلاثة من الديار الخ. وقول مرمول: ولم يبق بها إلا نحو خمس عشرة دارا إلخ لا يقبله لأن المقالين المذكورين مقتضيان لكون العمارة كانت بها كثيرة وتلك بقيتها للتخريب الذى شرحه مرمول، مع أن ذلك إنما كان في وَلِيلَى الأصلية، ولم يكن في رابطة صحرائها التي هى وليلى التبعية، وإلا لم تكن صحراء وقت الدفن الإدريسى بها مع أنها كانت صحراء، ولذلك عنون عنها بها ولم تحدث فيها العمارة تدريجا إلا بعد الدفن كما تقدم، نعم إن كان المحل المسمى رابطة أو رباطا عبارة عن حصن كما اخترناه سابقا وأن هذا الحصن كان مشتملا على دور عديدة وقد شملها التخريب السابق، وبقية دوره هى التي استثناها من تقدم ذكره صح الجواب المذكور ولم يكن في قول من ذكر ولم يبق إلخ ما ينافيه.

هذا والأقرب عندنا نظرا لما تقصيناه من شواهد الحال وقرائن الآثار، أن قصبة النصرانى، إنما كانت من توابع مدينة وليلى التي هى قصر فرعون المعروف، فمن أطلق عليها قصر فرعون أو وَلِيلَى بهذا الاعتبار صح إطلاقه وإلا فلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>