بالقيل الذى حكاه وهو أن وليلى خربت قبل البعثة فهو تعلق بما هو أو هن من بيت العنكبوت لما سبق أن وليلى خزبتها قبيلة مكناسة أولا ولما جاء مولاى إدريس نزل على شيخ أَوْرَبَة بها ثم لما بايعوه أصلحها وصيرها عاصمة ملكه، ثم لما بنيت مدينة فاس وصارت هى العاصمة تناقصت عمارة وليلى إلى أن خربها يوسف ابن تاشفين وحينئذ بطلت عمارتها وتفرق أهلها في الجبل، وقد سبق أن موت ابن تاشفين كانت فاتح القرن الخامس.
ولا يقال إن هذا التقدم لا حجة فيه لما تقدم مما يشير لاضطراب كلام قائله، لكونه جمع بين ما لا يصح تنزيله إلا على الزاوية وبين ما لا يصح تنزيله إلا على وليلى ولكونه جعلهما شيئا واحدا وهما شيآن متغايران في الواقع، لأنا نقول قد نبهنا فيما سبق على الجمع بين ذلك بأن موقع الزاوية هو من وليلى بحسب التبع والتعلق والإضافة، فلا اضطراب إِذَنْ، وإنما على العارف أن ينزل كل شئ في محله، ولكون نزول مولاى إدريس على أوربة بوليلى التي هى قصر فرعون هو كالمتفق عليه عند أهل المعرفة، وأما ما يذكر من أن عين القصر لم تكن قبل مولانا إدريس وإنما نبعت بركزه لحربته في محلها، فهو إن صح لا يعين أن محلها هو نفس مدينة وليلى الأصلية كما لا يخفى.
الثانية: زعم بعض المؤرخين المعاصرين ألا وهو صديقنا الناقد أبو عبد الله محمد بوجندار في كتابه المذكور آنفا أن الذى خرب مدينة وليلى هو عبد المؤمن الموحدى، وذلك لا يصح ففى الأصل أعنى "الروض الهتون" أن أمر الموحدين زمن عبد المؤمن لم يزل يتقوى وسكان الجبال ينزلون إليهم من صياصيها مذعنين، حتى إن من نظر مكناسة وضواحيها جبلا كبيرا مانعا حصينا يقال له زرهون، وفيه من الخلق أمة كثيرة لا تحصى عدة، أرسلوا بيعتهم مع جماعة منهم إلى عبد المؤمن ابن على وهو بين الصخرتين من أحوار تلمسان، وجَرَّأوا الموحدين على دخول